سياحه قبطيه ( تاريخ دير أبوسيفين بطموه، الجيزة، مصر ) - Abahoor

سياحه قبطيه ( تاريخ دير أبوسيفين بطموه، الجيزة، مصر )



              تاريخ دير أبوسيفين بطموه
                      الجيزة، مصر
                           


دير القديس مرقوريوس أبو سيفين بطموه محافظة الجيزة هو احد الأديرة الهامة التي كانت تزهو بهم تلك المحافظة بين القرن الخامس والعاشر الميلادي. وقد عُرِفَ منهم دير جبل أوسيم المقدس بجبل أو رواش، ودير الخمسة وأمهم بمنيل شيخة، ودير القديس أرسانيوس بجبل المقطم قرب كوتيسكا. وهذه الأديرة ارتبطت دائمًا ببرية شيهيت المقدس بوادي النطرون؛ حيث نزج إليها رهبان تلك البرية حين أغارَت البربر على أديرتهم.

نشأة دير طموه :
ترجع نشأة الرهبنة بدير طموه (التي كانت تُعْرَف "طمويه") إلى القرن الخامس الميلادي على يد القديس ببنودة؛ حيث أُقيمَت بالدير كنيسة على اسم القديس مرقوريوس الشهير بأبو سيفين. وقد سكنه آباء البرية لما له مميزات عِدة قرب مدينة منف (الجيزة)، حيث كان آباء البرية يقضون حاجياتهم منها.

كما كان المأوى الوحيد للرهبان وقت الحصاد، وحتى يحين موعد رجوعهم لقلاليهم.

وقد ارتبط تاريخ هذا الدير بدير القديس أرسانيوس بجبل طرة المُقابل له، ومازالت المغارة التي كان يسكنها القديس أرسانيوس ظاهرة بالجبل حتى الآن.

نظرة تاريخية على دير طموه:                                
                         
ذُكِرَ أول خبر تاريخي عن الدير المؤرخ الإنجليزي لين بول حين قال أن عبد العزيز بن مروان والي مصر (685-705 م.) انتقل إلى هذا الدير واعتبره مقرًا له. ومنه أمر بصك أول عملة عربية خالصة صدرت في مصر عام 76 هـ (695 م.). واستمر الدير قائمًا حتى زحفت جيوش العباسيين والأمويين وتقابلوا في موقعة قرب الدير، هُزِمَ فيها الأمويين،وكان من نتائجها هَدم بيعة القديس أبو سيفين بطموه في 6 أغسطس عام 750 م.

وظل هذا الدير مهجورًا (حوالي 20 عامًا) إلى أن أُعيد بناؤه وتجديده هو ودير الشمع الذي كان قائمًا ببلدة ميت شماس غرب طموه، فكملت عمارة البيعة المقدسة التي على اسم الشهيد مرقوريوس أبو سيفين مرة أخرى. والتي ما تزال قائمة حتى اليوم.

أقوال المؤرخين عن دير أبوسيفين بطموه:
* كتب أبو الحسن علي بن محمد (المعروف بـ:الشابشتي) في كِتابه الديارات عن دير طمويه: "دير طمويه بالغرب بإزاء حلوان، وهو دير راكِب على البحر، وبه الكروم والبساتين والنخل وأشجار الفاكهة الكثيرة. وهو عامر آهِل، وله منظر حسن. وحين تَخْضَر الأرض في الربيع فإنه يكون بين بساطين من البحر والزرع، وهو أحد متنزهات مصر المشهورة.

* ويذكر الشيخ المؤتمن أبو المكارم في كتابه "كنائس وأديرة مصر" الذي يحكي التاريخ حتى عام 1208 م.، أنه مع مطلع القرن الثالث عشر الميلادي كان الدير عامِرًا آهِلًا بالرهبان، وكان مُتَنَزَّهًا ومحط اهتمام كِبار الشخصيات؛ ومنهم الشيخ أبو اليمن وزير الوجه البحري، وابنه الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، حيث عَمَّراه. وأنشأ الأفضل بُستانًا بجواره، وحفر آبارًا، وركَّبَ سواقي، وأقام سورًا، وعمل المعاصر للزيت، وأضاف إلى أرض الدير حِكرًا من الشمال والغرب والجنوب باقِيًا حتى الآن، فصارت جُملة مساحة الدير سبعة أفدِنة داخل أسوار يُعاد ترميمها الآن.

هذا وقد هَيَّأ الشيخ أبو اليمن الحصول على آنية لبيعة القديس مرقوريوس أبو سيفين من الفضة؛ فعمل صينية وكأس وملعقة ومجمرة وصليب وكِسوة حرير فاخِرة.

البِيَع المقدسة بطمويه:
                                                 
وُجِدَت في هذا الزمان خمسة من البِيَع المقدسة بطموه، وهي:

البيعة الكبيرة الحسنة التي للقديس مرقوريوس الشهير بأبوسيفين، والموجودة حاليًا بدير طموه بيعة على اسم الشهيدة مهاربيل، وهي بالطرف القبلي لطموه على الجِسر.

بيعة أبابيما.

بيعة الملاك ميخائيل، وكانت غرب طموه في مدخل البلدة على الطريق.

بيعة السيدة العذراء الطاهرة.

الرهبنة في الدير:
كان لدير القديس "أبو سيفين" بطموه وَقفًل قدره 47 فدانًا، أُخِذَت منه عند عمل مسح لأراضي الدولة في عصر الدولة الأيوبية عام 1176 م.، ويضيف ابن فضل الله العمري في كتابه "مسالك الأبصار" أن دير طموه ظلَّ النصف الأول من القرن الرابع عشر آهِلًا بالرهبان. وتعتبر تلك الإشارة هي آخر إشارة تاريخية وُرِدَت عن وجود رهبان يذكرها مؤلف تاريخي. وقد انقطعت الرهبنة به في عام 1349 م.، وكان لذلك ثلاثة أسباب:-

انتشار وباء الطاعون في هذا العام في كل أرض مصر، حتى اشتد الهول من كثرة الموت، ومات الفلاحون، ولم يوجد مَنْ يضم الزرع، حتى زهد أرباب الأموال في أموالهم.

وقت انتشار هذا الوباء أنعم الملك الناصر حسن على الأمير طاز بقرية طموه إقطاهًا له، وذلك عام 1350 م.

في سنة 1354 م. استولت دولة المماليك على جميع أراضي أوقاف الكنائس والأديرة، فبلغت جملتها 25 ألف فدان، ثم أمر السلطان بهدم الكنائس. وقد يكون ذلك هو سبب هَدم كنائس ناحية طموه، فهجرها المسيحيون والآباء الأساقفة المُقيمون فيها، حيث نزحوا جنوبًا.

وأضاف المقريزي أنه في عام 1349 م. وبعد انقطاع الرهبان عن الدير أنه صار مسكنًا للكهنة المتزوجين، وهؤلاء أغلبهم كانوا من بلدة أم خنان المجاورة قبلي الدير.

الدير في عهد البابا يوأنس الثامن عشر (1769-1796):

تذكر مخطوطات المتحف القبطي أنه بتاريخ 12 أغسطس 1773 م. (8 مسرى 1489 ش.) أن قداسة البابا يوأنس الثامن عشر البطريرك السابع بعد المائة أوْكَل نِظارة دير القديس مرقوريوس أبو سيفين للمعلم جرجس أبو جوهري؛ حيث اتفقت الجماعة على إصلاحه، وشهدوا له بنجاحه. كما أسند الشماس إسحق ابن القمص إبراهيم للقيام بالخدمة على جميع أوجهها بالدير وتعميره والنظر فيمَنْ يقوم بالصلوات في كل وقت وكل حين.

الدير في عهد البابا كيرلس الخامس (1875-1927):
                                      
كان قداسة البابا كيرلس الخامس 112 يذهب للدير على فترات طوال السنة طلبًا للراحة والهدوء، بعيدًا عن ضوضاء المدينة.

وكان المترددون على الدير كثيرين في هذا الوقت؛ حيث جمال الطبيعة وهدوئها، خاصة أهالي بلدة أم خنان بجوار طموه، وقد كَثُرَ ترددهم لوجود مقابرهم في داخل الدير من الجهة القبلية. وظلت حتى أوائل القرن العشرون، حتى أُزيِلَت من أجل دواعي الصحة وعدم انتشار الأوبِئة بالمناطق المسكونة المجاورة بالقرية.

وقد أعاد قداسة البابا كيرلس الخامس بناء كنيسة الدير، ورفع مستوى أرضها حتى لا تتعرض لخطر الفيضانات من النهار المجاور له، وبنى قصرًا بالدير وكنيسة علوية باسم الملاك ميخائيل ما زالت باقية شاهدة له على عنايته بالدير، وذلك في عام 1903 م.

الدير بعد نياحة البابا كيرلس الخامس:

تقلقل حال الدير بعد عام 1927 ولم يعد به كهنة منتظمين للخدمة، سوى بعض الذين كانوا يُنْتَدَبون من كهنة القاهرة، وصار ذلك هو حال الدير

وبعد عام 1950 م. رغب المتنيح الأنبا يوأنس مطران الجيزة في تعميره بإسكان عائلات مسيحية فقيرة فيه، على أن يترك له المجلس الملي أوقاف الدير التابعة له، إلا أن المجلس رفض فتوقف المشروع.

أما في عهد الأنبا دوماديوس أسقف كرسي الجيزة ظهر الاهتمام بالدير، وشمل التعمير جميع نواحيه في نهضة عمرانية وروحية..