- Abahoor


                                    دير الأنبا أنطونيوس


الأقدم بالعالم.. القديس يضيئ ببركته الجبل والزوار يصعدون مغارته طلبًا للبركة.. مؤسس الرهبنة يحاط بالعاشقين فى ذكرى وفاته وأجساد تلاميذه تجدد تعاليمه

دير الأنبا أنطونيوس
من جبال البحر الأحمر الخشنة، أضاء الأنبا أنطونيوس، خرج من قريته بالصعيد زاهدًا، ترك مال الدنيا وجاه والده وأراضيه وميراثه، ووزع أمواله على الفقراء، وقصد الله بقلبه، سار حافيًا من بلد إلى حقل إلى مدينة واستقر فى الجبل، حفر مغارته، نظر للسماء وطلب إعانته، حارب الشيطان واعتزل الناس، وأسس حركة الرهبنة، لتخرج من مصر وتغزو العالم، ويخلد اسمه فيلحق بمن يجيئ بعده من أولاده بعد سنوات بعيدة، ويصبح له أبناء ليس من دمه بل من روحه وتعاليمه، وكنائس لم يشترها بمال أو عطية إنما أنفق عليها من محبته وطاعته، ودير لا تشبع العين من رؤيته ولا القلب من صفائه

عيد الدير الذى يوافق ذكرى استشهاد القديس ويحل فى نهاية يناير من كل عام، حيث توافد آلاف الأقباط المصريين والزوار الأجانب، ينهلون من عبق القديس ويطلبون بركته وصلاته.

الأنبا انطونيوس هو أول راهب فى المسيحية وهو مؤسس حركة الرهبنة فى العالم كله، فمن أرض مصر انطلقت، ومنها ستستمر.

الطريق إلى الدير
يقع دير الأنبا أنطونيوس على سفح جبل الجلالة القبلى بصحراء العرب التابعة لمحافظة البحر الأحمر قرب الزعفرانة، تسير بك السيارة وسط جبال خشنة تتشابك تحت سحاب كثيف وشمس تشرق على مهل فى شتاء قارس وعلى يسارك البحر الأحمر يظهر ويختفى وسط الهضاب، حتى تظهر لك لافتة "دير الأنبا أنطونيوس"، تنحرف السيارة بك يسارًا، وترى الدير وقد أخذ مكانه وسط الجبل، يظهر محفورًا وتعانق صلبانه السماء فتمتزج بالسحب المترامية وكأنها نجوم إضافية تضيئ نهارًا.

أيقونات القديسين محفورة بالصخر
يفتح الحارس، باب ديره، يتأكد من الهويات، ، ترى أيقونة الأنبا انطونيوس منحوتة وكتب عليها "إن أردت أن تكون كاملًا فاتبعنى"، ليؤسس بمقولته حركة الرهبنة القبطية بعد أن تبعه آلاف الرهبان الشباب، واقتدوا بسيرته، فصاروا رهبانًا يعتزلون الناس ويعمرون فى الصحراء، وفى المدخل ترى عبارة الإنجيل الشهيرة "المسيح قام بالحقيقة قام"، لتتناسب مع اسم الكنيسة التى اختارت صليب المسيح وقيامته من موته اسمًا لها.

وفى داخل الكنيسة، ترى أيقونات المسيح والقديسين متجاورة، على يمينك المرأة ساكبة العطر ترش قدم المسيح بالطيب فيفرح بها وفقًا للقصة الشهيرة بالإنجيل، ولتؤسس بعد ذلك لتقليد مسيحى هو سكب العطر على قبور القديسين المعروف باسم طقس الحنوط، وعند خروجك ترى أيقونة صلب المسيح وتحته ثلاثة من النساء مريم العذراء ومريم المجدلية ومريم أخت اليعاذر، يجلسن تحت قدميه يخففن عن آلامه ويتبركن بتضحيته، وأمام مذبح الكنيسة أيقونة للملكة هيلانة التى أسست كنيسة القيامة فى القدس، ودير القديسة دميانة بالبرارى، وقدمت الكثير للمسيحية واحتفظت بجزء من خشبة صلب المسيح.

نغادر الكنيسة، ونزور كنيسة العذراء، وهى كنيسة مبنية حديثًا بالجبل، والمسئول عن الزيارات واستقبال الزوار، ويؤكد لنا أن السيدة العذراء كانت تظهر فى الجبل للقديس الأنبا انطونيوس أيام رهبنته بالدير، فبنيت كنيسة العذراء هنا على مقربة من مغارته التى كان يتعبد فيها وهى من تصميم آباء الدير وبنيت على طراز كنيسة العذراء بالزيتون التى اشتهرت بظهور العذراء فوقها، وتمتلئ الكنيسة بأيقونات للقديسين فيقول القس أن الأيقونات تحكى قصص جهاد القديسين ويردد القول " انظروا إلى سيرة إيمانهم وتمثلوا بجهادهم".