دراسات عهد قديم تابع سفر الخروج (2) - Abahoor

دراسات عهد قديم تابع سفر الخروج (2)



                     تابع سفر الخروج (2)


                       
الغاية الأساسية من السفر، التذكير بأنّ الخلاص يأتي من الله وحده: «لا تخافوا انظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم» (14: 13)، وأنه كلّي القدرة وصانع للمعجزات: «لأجل هذا أقمتك لكي أريك قوتي ولكي يخبر باسمي في كل الأرض» (9 : 16)«فمن مثلك يا الله معتزًا في القداسة مخوفًا في التسابيح صانعًا العجائب».(15 : 11).

وينحو العديد من المفسرين حديثًا، بأخذ بعض أحداث السفر بشكل رمزي؛ سوى ذلك، فإن أغلب التشريعات الواردة فيه لم تعد تأخذ على حرفيتها لدى غالبية الطوائف المسيحية واليهوديّة. ففي حين تمسكت بعض الفرق البروتستانتية واليهود الأرثوذكس، بجميع الشرائع، ترى سائر الطوائف، بأن هذه الشرائع تتكلم عن مرحلة تاريخية معينة، وأنه بتطور الأزمان تتطور معها الشرائع، فلا يوخذ النص بحرفيته وإنما يؤخذ بغايته.

اهميه السفر في اليهودية
اعتبر سفر الخروج أهم أسفار التوراة، فخروج بني إسرائيل من مصر شكل الحدث الذي «خلق» فيه الأسباط الاثني عشر، وعلى الرغم من كل الأحداث اللاحقة، كدخول الأرض المقدسة مع يشوع أو إقامة الملكية مع داود، فإن حدث الخروج من مصر وفلق البحر الأحمر، ظل دومًا مرتكز الحياة اليهوديّة عمومًا حتى إن عبارة «الذي أخرجنا من أرض مصر» باتت أحد ألقاب الله الرئيسية في التراث العبري إن لم نقل أحد أسمائه وهذا ما يترجم في صلوات عيد الفصح اليهودي حيث يرد إرشاد بأنه «على كل إمرؤ، على مدى لأجيال، أن يعتبر نفسه قد خرج من مصر».

يظهر تأثير سفر الخروج أيضًا في الصلوات والطقوس اليهودية اليومية، إذ تترافق صلاة المساء مع ذبائح المساء اليومية، وفي البركات التسعة عشر التي تترافق مع جميع الصلوات اليهودية تعتمد البركة الأولى على ما ورد في السفر (3 : 15)، وتدعى هذه البركة بآبوي والتي تعني الآباء، إذ يذكر بها الآباء الأقدمون للشعب اليهودي. كما أنّ له أهمية في تنظيم العشور والصدقات وضريبة خيمة الاجتماع، ومن ثم هيكل سليمان، كذلك فإن السفر يعتمد عليه في تحديد أيام الصوم اليهودي، والاحتفالات بالأعياد اليهودية،.

في المسيحية
أن المسيح نفسه قد اعتمد على سفر الخروج في تعاليمه أو بعض نقاشاته كما ذكرتها أناجيل العهد الجديد، كما في متى 12 : 1-8 ؛ وإشارة المسيح إلى واجب إكرام الوالدين في متى 4 : 15 يمكن مقابلته مع الخروج 20 : 12؛ أيضًا فمن المواضع الهامة التي أشار بها المسيح إلى السفر كانت في جداله مع الصدوقيين حول قيامة الموتى (متى 22 : 32 ؛ خروج 3 : 6). أوجه التشابه، فكلاهما صاما أربعين يومًا وليلة (لوقا 34 : 28 ؛ خروج 34 : 28

السياق التاريخي
الدراسات التاريخية الحديثة، سيّما في القرن العشرين بعد تقدم العلم، يمكن مقارنتها مع ما ورد في سفر الخروج. وقد ورد في نصوص ساميّة مختلفة ذكر لقوم ملقبين عبير أو عبيرو القريبة من مصطلح عبرانيين في الزمن الحاضر. وفيما يتعلق بتحديد تاريخ موسى، هناك تردد بين القرن الخامس عشر قبل الميلاد أي عهد السلالة المصرية الثامنة عشر فيكون الفرعون المقصود تحتمس الثالث؛ أو القرن الثالث عشر قبل الميلاد، أي عهد السلالة المصرية التاسعة عشر وأن الفرعون المقصود هو سيتي الأول أو رمسيس الثاني أو مرنبتاح. غير أن أغلب المؤرخين، يفضلون الترتيب الذي يقال له "القصير" وهو الخاص بالقرن الثالث عشر قبل الميلاد.

كذلك فإنه من الثابت، وجود عمالة سامية في مصر خلال تلك الفترة، ولعلها من بقايا الرعاة الهسكوس الذين طردوا في القرن السادس عشر قبل الميلاد، علمًا أن القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، وهي الفترة المفترضة لخروج موسى وقومه، اتسمت بالضعف المصري، بسبب الأزمات الدينية المتلاحقة والتي كان أقواها أزمة العمارنة، وما تأسيس السلالة التاسعة عشر على يد القائد حورمحب، إلا محاولة إصلاحيّة للضعف الحاصل، سيما بعد هجمات الحثيين.