مشاكل كتابيه ( الهى الهى لماذا تركتنى ) - Abahoor

مشاكل كتابيه ( الهى الهى لماذا تركتنى )


                  "إلهي إلهي لماذا تركتني"!! 

هل فارق الآب الابن عند الصليب؟؟

لقد سمعت عدد من الوعاظ، من أمثال الواعظ الكبير بيلي غراهام، يفترضون أن الآب من كثر الخطايا ‏التي حملها المسيح على الصليب؛ فارق المسيح إلى حين إسلام الروح!!‏‎ ‎. وهنا لا يتكلم عن أقنوم ‏الابن، الذي لم ينفصل عن المسيح الإنسان أبدًا؛ لكن يتكلم عن أقنوم الآب الذي فارق المسيح الإنسان، ‏من عِظم الخطايا التي حملها. لكن لست أعتقد كم يوجد لهذه الفكرة من أرضية كتابية صلبه، ولست أعتقد ‏أنه يجوز القفز لهذا الاستنتاج من آية واحدة فقط!! وهي نداء المسيح وهو على الصليب "46.. إِيلِي، ‏إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟" متى 27 (أيضًا مرقس 15: 34). خاصة عندما ‏نرى أن هذا المفهوم والتفسير حتى يتعارض مع آيات أخرى كثيرة، مثل قول المسيح: "29 وَالَّذِي أَرْسَلَنِي ‏هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ‎"‎‏ يوحنا 8؛ أيضًا هناك آيات أخرى ‏تعد المؤمن العادي بأن الله لا يمكن أن يتركه، مثل قول الله ليشوع:

‏" 5 لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ. لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ " يشوع ‏‏1. ويكرر الوحي نفس الوعد لكل مؤمن بالمسيح: " 5... لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ" عبرانيين 13. وحتى يقول ‏داود "8 إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ" مزمور 139. فالوحي ‏بدقته، يعبر أنه إذا صعد داود للسماوات، فالله هناك؛ أو إذا فرش أو سكن في الهاوية، لم يقل "فأنت هناك" ‏طبعًا؛ بل قال "فها أنت"؛ أي أنك ستأتي يا رب لإنقاذي، وسوف لا تتركني. فكيف يترك الآب المسيح ‏البار، وهو الوحيد الذي أرجع السرور الكامل لقلب الاب، في كل لحظة من حياته بالجسد؟؟؟!!!

إذًا يجب أن نفكر مئة مرة قبل أن نخرج باستنتاج خطير كهذا!!

فما هو التفسير اللاهوتي لقول المسيح؟
إن نداء المسيح على الصليب " إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي"، يكمن تفسيره في نقطتين:

الأولى: هي أن الآب ترك المسيح للصلب والعذاب لكنه لم يفارقه أو ينفصل عنه أبدًا، لأنه كان دائمًا ‏يسير بحسب إرادة الآب؛ وتلك الكأس كانت بحسب خطة ومشيئة الآب منذ البدء، كما أكد المسيح: ‏‏"42.... لكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ" لوقا 22. فكانت إرادة الله الآب أن يترك المسيح للصلب والعذاب. ‏وهذا التفسير المقبول لدى الكنائس التقليدية، وهو لا غبار عليه كتابيًا.

الثانية: هي إن تفسير قول المسيح لعبارة "إلهي إلهي لماذا تركتني" أيضًا كان سببه ببساطة أن يستشهد ‏المسيح بمزمور 22 وهو على الصليب. لكي ينبه جميع اليهود الذين يصلبوه، أنه اليوم قد تم ما هو ‏مكتوب في المزمور عن آلامه وصلبه. فعلى وقت المسيح، لم يكن هناك ترقيم للنصوص الكتابية، فكانوا ‏يستشهدون بالنص إمَّا عن طريق ذكر أول عبارة وآخر عبارة فيه، أو بذكر كلمة أو عبارة جوهرية فيه. ‏فالمسيح ذكر أول عبارة في مزمور 22، وهي: "إلهي إلهي لماذا تركتني.." وآخر عبارة هي: "..قد فعل"، ‏حينما صرخ وقال "قد أكمل".
فكان المسيح ببساطة يحاول أن يستشهد في مزمور 22، كإشارة لجميع البشرية أنه في ذلك اليوم قد تم ما ‏هو مكتوب عنه في هذا المزمور؛ فاستشهد بأول عبارة (إلهي إلهي لماذا تركتني)، وآخر عبارة (قد فعل).