مشاكل كتابيه ( ندم الله فكيف 2 ) - Abahoor

مشاكل كتابيه ( ندم الله فكيف 2 )

                 
                                           مشاكل كتابيه
                       

: يرون في الآيات التي تصف الله بأنه "ندم" تناقض مع قول نفس الوحي عن الله:

‏"29 وَأَيْضًا نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ (أي الله) لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانًا لِيَنْدَمَ" 1 صموئيل 15.

فكيف يقول الكتاب عن الله أنه ندم، وفي نفس الوقت، أنه لا يندم كالبشر؟؟

الرد: إن الناقد لا يميز بين أمرين هامين جدًا، من جهة شخصية الله!! الأول، هو تراجع الله في مجازاته ‏للإنسان بحسب تغيير سلوكه، وهذا أمر طبيعي؛ والثاني هو تراجع الله عن أمور تعكس تغيير في ‏شخصيته، وصفاته وعدالته؛ وفي هذا، الله لا يمكن أن يندم ولا يتراجع أبدًا. لذلك عندما نتعرض لنص ‏يذكر كلمة "نيحَم"، يجب أن نميِّز عن ماذا يتكلم الوحي عندما يقول أن الله لا يندم كالبشر، وعن ماذا ‏يتكلم عندما يقول أن الله يندم أو يتراجع.

الأول، تراجع الله في مجازاته للإنسان بحسب تغيير سلوكه: ‏

إن مجازات الله للإنسان متغيرة وذلك بسبب تغيير أفعاله، وهذا أمر طبيعي وبديهي؛ فحينما ينقلب سلوك ‏البشر من الصالح للطالح، الله يتراجع في بركاته على الإنسان، ويبدأ حالة تأديب وعقاب له، لأنه يحبه ‏ويريد أن يغيره لئلا يَهلَك. وعندما يتغير قلب الإنسان ويتوب، يتراجع الله عن التأديب الذي أنزله به، ‏ويرجع بيد البركة والنعمة عليه. إن هذا يشكل معنى جميع الآيات التي تعرض عبارة "ندم الله"؛ فهي تتكلم ‏عن تراجع الله عن عقابه للبشر الخطاة، عندما يتوبون. وهذا المفهوم يتلخص بوضوح في الآيات التالية ‏التي قالها الله على فهم نبيه إرميا، ليعلن عن طبيعته لنا:

‏"7 تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْقَلْعِ وَالْهَدْمِ وَالإِهْلاَكِ، 8 فَتَرْجعُ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ ‏شَرِّهَا، فَأَنْدَمُ (فِنَحَمْتي) عَنِ الشَّرِّ الَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا 9 وَتَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْبِنَاءِ ‏وَالْغَرْسِ، 10 فَتَفْعَلُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، فَلاَ تَسْمَعُ لِصَوْتِي، فَأَنْدَمُ (فِنَحَمْتي) عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي قُلْتُ إِنِّي أُحْسِنُ ‏إِلَيْهَا بِهِ" إرميا 18.

إذًا هذا التراجع، هو شيء ضروري لله، لأنه المسؤول على إدارة الكون الذي نعيش فيه، لكي يقوِّم ويُصحِّح ‏سلوك البشر على الأرض، ليهديهم لطريقه الصحيح.‏

الثانية، عدم تراجع الله إطلاقًا عن أشياء تختص بطبيعته ومبادئه وحكمه: إن الله لا يتراجع عن صفاته ‏ومبادئه وحكمه النهائي العادل أبدًا، لأنه إله كامل. فلا يوجد استئناف أو تغيير أو رجوع عن أحكمام الله! ‏لأن الكامل لا يبالغ، أو يخطئ أو يعطي أنصاف حلول أو ما شابه ذلك!!‏

‏"19 لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟" العدد 23.‏

إن خلفية النص هي، أن ملك موآب بالاق بن صفورة، دعا بلعام بن بعور، وطلب منه أن يلعن شعب ‏إسرائيل. فقال له بلعام أنه سوف لا يلعن الشعب، بل سيقول ما يأمره به الرب؛ وكانت النتيجة أن بلعام ‏بارك شعب إسرائيل بدلاً من أن يلعنه، لأنه هكذا أمره الله. وبعدها أخذه بالاق إلى مكان آخر، ظنا منه أنه ‏بتغيُّر المكان سيتغير قول الله! وطبعًا لم يتغير قول الله، لهذا يقول بلعام لبالاق الآية أعلاه، أن الله ليس ‏مثل إنسان ليرجع برأيه "يندم"، ويغير آرائه ومواقفه الخلقية! فمواقف الله كاملة وثابتة لا يمكن أن يتغير ‏بها! لأن تغييرها يضرب بكماله عرض الحائط. وقانونه هو أن التقي يستحق البركة، فلا يمكن أن يغير ‏الله قانونه كالبشر أبدًا؛ فيفسر الوحي الآية أعلاه، بعدها بعددين، فيقول: "21 لَمْ يُبْصِرْ إِثْمًا فِي يَعْقُوبَ، وَلاَ ‏رَأَى تَعَبًا فِي إِسْرَائِيلَ. الرَّبُّ إِلهُهُ مَعَهُ، وَهُتَافُ مَلِكٍ فِيهِ" ‏‎)‎العدد 23‏‎(‎‏ فكيف يلعن الله إسرائيل، وهو لم يرى ‏إثمًا فيه في ذلك الوقت!!؟؟ ‏