درس كتاب مقدس
سفر العدد
الجزء الثانى
الدرس العام {الفشل والنعمة}
البرية هى مكان امتحان الإنسان فى الجسد (الإنسان السالك
بحسب الطبيعة القديمة). وهى تمثل الفترة ما
بين معرفتنا بالمسيح كمخلصنا وحتى وصولنا إليه فى السماء. وفى هذه الفترة نجتاز فى ظروف مختلفة اجتازها شعب
إسرائيل نتعلم من خلالها: -
1- عن أنفسنا: فشلنا
فى السير مع الله.
2- عن الله: نعمته فى السير معنا. فبينما كان الشعب يتذمر
على كل شئ يقدمه الرب؛ كان الرب يُظهر من جانبه كل نعمة فى تسديد أعوازهم واحتماله
أخطاءهم وتدبير وسائل علاجهم.
تواريخ وأرقام
يتكون السفر من 36 أصحاحاً، 1288 عدداً؛ ويمكن قراءته فى
ساعتين.
كُتب تقريباً سنة 1490ق.م ، ويغطى فترة زمنية حوالى 39 سنة.
عندما خرج الشعب من مصر كان عددهم نحو 000
600 (خروج 12: 37). وبعد نحو سنة واحدة كان عددهم حوالى550.
603 (عدد1: 1). وقبيل دخولهم للأرض كانوا نحو 730 .603 (عدد26:
51).
اشهر ما فى السفرمن مواقف
+ اسلوب معاملة واعالة الرب للشعب فى البرية بالطعام والشراب
مدة اربعون سنة وذلك رموزا للسيد المسيح
+ كثرة تذمر الشعب لعدم الايمان
+ قضا الله العادل الهائل واهلاك العصاة منهم ليكونوا عبرة
+ الالم عند لدغ الحيات
وشفائهم العجيب بنظرهم الى الحية النحاسية كامر الرب
+ عزم بالاق ملك مؤاب على لعن شعب اسرائيل على لسان بلعام
النبى الخبيث
اشهر ما فى السفر من اشخاص
من الاشخاص قورح وداثان وابيرام الذين ابتلعتهم الارض بسبب
عصيانهم لله
بلعام النبى الخبيث الذى اضلة المال
قورح وداثان وابيرام
اسم قورح اسم عبري معناه " قرع أو أقرع وهو ابن يصهار
بن قهات بن لاوي، فهو ابن عم موسى وهرون ابني عمرام بن قهات، وقد أتهم قورح مع داثان
وأبيرام موسى وهرون بأنهما يتكبران ويتعاليا على شعب الله " وقالوا لهما كفاكما.
إن كل الجماعة بأسرها مقدَّسة في وسطها الرب. فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب"
(عد 16: 3) فطلب موسى من قورح وكل جماعته أن يقدموا بخورًا في الغد أمام الرب، وأن
الرب سيعلن مشيئته، وكان قورح وجماعته لاويين لهم خدماتهم ولكن ليس لهم القيام بأعمال
الكهنة مثل تقديم الذبائح والبخور، فقال موسى لقورح " أقليل عليكم أن إله إسرائيل
أفرزكم من جماعة إسرائيل ليقربكم إليه.. وتطلبون أيضًا كهنوتًا" (عد 16: 9،
10).
2- أرسل موسى ليدعو داثان وأبيرام، وهما من سبط رأوبين ويقيمون
جنوب خيمة الاجتماع فرفضا تلبية الدعوة، متهمين إياه بأنه يترأس عليهم، وأنه لم يأت
بهم إلى أرض تفيض لبنًا وعسلًا، وفي الغد أعلن الله غضبه على هذه الجماعة المنشقة وقال
لشعبه " أطلعوا من حول مسكن قورح وداثان وأبيرام" (عد 16: 24) فذهب موسى
إلى خيام داثان وأبيرام وخلفه شيوخ إسرائيل، وطلب من الشعب أن يعتزلوا عنهما، بينما
خرج داثان وأبيرام مع نسائهما وبنيهما وأطفالهما ووقفوا خارج الخيام، وقال موسى للشعب
إن مات هؤلاء مثل موت أي إنسان فإن الله لم يرسلني، ولكن إن فتحت الأرض فاها وابتلعتهم
تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب، وفي أثناء هذا كان قورح قد ترك رجاله المائتين
والخمسين ليقدموا البخور في خيمة الاجتماع، وذهب إلى داثان وأبيرام ليدعم موقفهما المعارض..
فماذا حدث؟
أ - من جهة داثان وأبيرام وكل ما لهما مع قورح " انشقت
الأرض من تحتهم. وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الأموال.
فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقت عليهم الأرض فبادوا من الجماعة"(عد
16: 31 - 33) وواضح أن قورح قد ابتلعته الأرض، وهذا ما أكده موسى النبي عندما قال عن
داثان وأبيرام "ففتحت الأرض فاها وابتلعتهما مع قورح حين مات القوم بإحراق النار
مائتين وخمسين رجلًا فصاروا عبرة" (عد 26: 10).
ب - من جهة جماعة قورح الذين قدموا البخور لله " خرجت
نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلًا الذين قرَّبوا البخور" (عد 16:
25) كما حدث من قبل مع ابني هرون ناداب وأبيهو اللذين قدما نارًا غريبة. ويبدو أن النار
أحرقت هؤلاء المئتين والخمسين في اللحظة التي فتحت الأرض فاها وابتلعت داثان وأبيرام
وكل ما لهما مع قورح (عد 26: 10).
2- يبدو أن زوجة قورح
كانت تخاف الرب، وربت أولادها في مخافة الرب، فلم تكن مع أولادها موافقين على تصرف
قورح، ولذلك أدركتهم مراحم الله فلم يهلكوا، وهذا ما ذكره سفر العدد " وأما بنو
قورح فلم يموتوا" (عد 26: 11) وعندما قال الكتاب " فتحت الأرض فاها وابتلعتهم
وكل ما كان لقورح مع كل الأموال" (عد 16: 32) فالمقصود كل ما كان لقورح هو المشايعين
له، وعندما ذكر موسى هلاك قورح لم يذكر معه زوجته وأولاده مثلما فعل مع داثان وأبيرام
" مع نسائهما وبنيهما وأطفالهما" (عد 16: 27) ويقول الدكتور القس منيس عبد
النور " ومن الواضح أن عائلة قورح لم تهلك معه، وهذا ما نجده في العدد 26:
11. وكان صموئيل النبي من نسل قورح، كما كان من نسل قورح موسيقيون. أما التعبير
" كل من كان لقورح" (ع 32) فيعني أتباعه في الثورة والعصيان ضد الله، وربما
كان منهم بعض خدمه ورجاله ونسله.. ومما يبرهن أن خيام نسل قورح لم تُدمَّر أن النبي
بالوحي ذكر في سفر العدد ص 26، 27 خيام داثان وأبيرام مرتين، ولم يذكر خيمة قورح زعيم
الثائرين. وقد انشقت الأرض تحت خيام داثان وأبيرام فقط، بينما كانت خيمة أولاد قورح
بعيدة عن خيامهم") وهناك إحدى عشر مزمورًا لبني قورح، وهي أرقام 42، من 44 إلى
49، 84، 85، 87، 88.
بلعام ابن بعور
لم يكن بلعام بن بعور من شعب الله، ولكنه كان مستقرًا في
المنطقة، ويبدو أنه كان مشهورًا حتى أن بالاق عندما استدعاه قال " لأني عرفتُ
أن الذي تباركه مُبارك والذي تلعنه ملعون" (عد 22: 6) وقد دعاه بطرس الرسول
" بلعام بن بصور" (2 بط 2: 15) فربما دُعي هكذا في اليونانية لأن حرف العين
لا يوجد فيها فاستعاضوا عنه بحرف الصاد، فالفرق بين بعور وبصور هو الفرق في حرف واحد،
وربما كان والد بلعام له اسمان، بعور وبصور، وقد اختلفت الآراء في شخصية بلعام، فهناك
من قال عنه أنه ساحر عرَّاف، وهناك من قال عنه أنه نبي حقيقي للرب وله نبوءته،
بلعام نبي كذاب وساحر وعرَّاف بدليل:
1- قال الكتاب عن رسل بالاق الذي أرسلهم لبلعام " وحلوان
العرافة في أيديهم" (عد 22: 7) وقال موسى النبي " لا يدخل عموني ولا موآبي
في جماعة الرب حتى الجيل العاشر.. لأنهم استأجروا عليك بلعام بن بعور من فتور آرام
النهرين لكي يلعنك. ولكن لم يشأ الرب إلهك أن يسمع لبلعام فحوَّل لأجلك الرب إلهك اللعنة
إلى بركة لأن الرب إلهك قد أحبك" (تث 23: 3 - 5).
2- قال يشوع بن نون " وبلعام بن بعور العرَّاف قتله
بنو إسرائيل بالسيف مع قتلاهم" (يش 13: 22).
3- جاء عنه في سفر الرؤيا عندما عاتب الله ملاك كنيسة برغامس
قائلًا " عندي عليك قليل. إن عندك هناك قومًا متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يعلم
بالاق أن يلقي معثرة أمام بني إسرائيل أن يأكلوا ما ذُبح للأوثان ويزنوا" (رؤ
2: 14).
4- بينما كان شعب الله يقدمون ذبائحهم على مذبح واحد هو مذبح
المحرقة بخيمة الاجتماع، فإن بلعام أقام عدة مذابح وفي أماكن متفرقة " فقال بلعام
لبالاق ابن لي ههنا سبعة مذابح وهيَّ لي ههنا سبعة ثيران وسبعة كباش" (عد 23:
1) فلو كان بلعام رجل الله لالتزم بمبادئ الشريعة.
5- أشرك بلعام الملك الوثني بالاق في إصعاد الذبائح
" وأصعد بالاق وبلعام ثورًا وكبشًا على كل مذبح" (عد 23: 2).
6- لم يقتنع بلعام بكلام الله لا مرة ولا مرتين، بل ظل يكرّر
محاولاته السمجة لعل الله يغير رأيه، حتى بعد أن أكد الله له أنه " ليس الله إنسانًا
فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل. أو يتكلم ولا يفي" (عد 23:
19) عاد وطلب من بالاق أن يبني له سبعة مذابح (عد 23: 29).
7- ربط عرافوا الأمم الرؤى بالأماكن المرتفعة، وهكذا فعل
بلعام " فقال بلعام قف عند محرقتك فأنطلق أنا لعل الرب يوافي للقائي.. ثم انطلق
إلى رابية" (عد 23: 3).
8- قال بلعام " لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم"
(عد 23: 10) ولم تتحقَّق طلبته إنما مات بسيف بني إسرائيل (يش 13: 22) بعد أن أعطى
مشورته الشريرة لملك موآب، فدفع بالفتيات الموآبيات ليزنين مع شباب الإسرائيليين (عد
25: 1، 2) فوقع إسرائيل تحت اللعنة وبهذا وصل بلعام إلى هدفه الشرير، فصارا مثالًا
للعثرة.
9- " بلعام بن بعور وهو ساحر بابلي من فتور التي على
النهر (عد 22: 5).. لأن شعب إسرائيل شعب مميز خصصه الرب لذاته (تث 7: 6، 7، 8) فلا
سحر ولا شعوذة أو إغراء مادي سخي يمنع بركات الرب عن هذا الشعب. وقد زعم كثيرون أن
بلعام بن بعور كان نبيًا للرب. إلاَّ أن علماء الكتاب المقدَّس يرون بأنه كان رجلًا
ساحرًا شريرًا أتى من بلاد ما بين النهرين حيث عبادة الأوثان (تث 23: 4 - 5) وقد أعطاه
الله طبيعة مغايرة لطبيعته، كما أعطى للآتان طبيعة الكلام على غير طبيعتها (حيوان أعجم)"(2).
وماذا عن نبوءة بلعام عن مجيء السيد المسيح؟
هذه النبوءة وضعها الروح القدس على فم بلعام، مثلها مثل رسل
شاول الذين أرسلهم للقبض على داود، كما ذكرنا. " كان روح الله على رسل شاول فتنبأوا
هم أيضًا. وأخبروا شاول فأرسل رسلًا آخرين فتنبأوا هم أيضًا. ثم عاد شاول فأرسل رسلًا
ثالثة فتنبأوا هم أيضًا" (1صم 19: 20، 21) بل وعندما ذهب شاول نفسه " فكان
عليه روح الرب.. وتنبأ هو أيضًا.. لذلك يقولون أشاول أيضًا بين الأنبياء" (1 صم
19: 23، 24) وبنفس المقياس نقول: أبلعام أيضًا بين الأنبياء..؟! لقد كانت نبوءة بلعام
مثلها مثل نبوءة قيافا عن موت المسيح الكفاري عندما قال "أنه خير لنا أن يموت
إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسه بل إذ كان رئيسًا للكهنة
من تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة.." (يو 11: 50 - 52).
0 التعليقات:
التعبيرات