درس كتاب مقدس رسالة معلمنا بولس الرسول إلى فليمون - Abahoor

درس كتاب مقدس رسالة معلمنا بولس الرسول إلى فليمون



درس كتاب مقدس


عهد جديد
رسالة معلمنا بولس الرسول إلى  فليمون

مقدمة في رسالة معلمنا بولس الرسول إلى فليمون ,
فليمون هذا كان أحد سكان كولوسي الذين آمنوا بالمسيح على يد بولس الذي أقامه أسقفاً على مدينة كولوسي.
هي رسالة شخصية مكتوبة من الرسول بولس إلى فليمون تظهر لنا بوضوح المحبة والصفح المسيحي. فهي توضح لنا قوة البشارة بالإنجيل في ربح العبد السارق الهارب،
مكونة من إصحاح واحد ، فقط من خمس وعشرين آية، تحتوي على عبارات قوية جميلة ، مع تعبيرات فائقة الروعة والتأثير، مما يجعلها جوهرة الكتاب المقدس"، وموسوعة في "الخدمة الاجتماعية
وقد كتبت ما بين العام 61م إلى 62م
هذه الرسالة يتشفع الرسول بولس عند فليمون (الذي كان عضواً بارزاً في كنيسة كولوسي) من أجل عبداً هارباً كان يدعى أنسيموس الذي سرق سيده وهرب إلى روما. وبترتيب إلهي قابل الرسول بولس وجهاً لوجه حيث تعرف على شخص السيد المسيح المبارك الذي جاء ليهب الحرية للعالم أجمع. وقد صار محبوباً للرسول بولس بما قدمه من خدمة مخلصة نافعة
تناقشت هذه الرسالة قضية العبودية والرق. فلم يطالب الرسول بإلغاء العبودية والرق ولكنه أوضح أنه من المستحيل أن تكون العبودية ثمرة من ثمار المسيحية. فهذه الرسالة الجميلة من رسول المسيح العظيم المقيد من أجل الإنجيل تبشر بالوقت حينما تنتصر قيود محبة المسيح على أغلال العبودية.
وقد جعل نفسه (بولس) ضامناً شخصياً لدين أنسيموس طالباً من فليمون أن يضعه على حسابه. وبهذا كان يحمي أنسيموس من العقوبة الشديدة التي كان يستحقها نتيجة عمله حسب القانون الروماني.
هذه الرسالة من بولس الشيخ أسير يسوع المسيح ، فقد كان في حوالي الستين من عمره حينما كتب هذه الرسالة وكان مقيداً في سجون روماً ليس من أجل شر أقترفه أو عمل يخجل من ذكره بل من أجل البشارة بالإنجيل. وهل يستطيع أحد مهما كان أن يرفض طلباً لشخص له مثل هذه المواصفات؟
هي رسالة صديق لصديقه " إلى فليمون المحبوب والعامل معنا" (1). وهو لا يقول هذا من أجل إشباع غرور فليمون أو إرضائه بل لأنه ينظر دائماً إلى جانب المضيء الجيد في حياة من يتعامل معهم.
وهي رسالة إلى أسرة مسيحية تقية من أسر مدينة كولوسي: الرجل (فليمون) ، وزوجته (أبفية) ، وابنهما (أرخبس). وربما كان بيتهم كنيسة صغيرة بالمعنى الحرفي حيث تقام بها الخدمة الكنسية فعلياً. أو بمعناه المجازي حيث أن كل أسرة مسيحية مباركة هي كنيسة صغيرة. نواة لكنيسة المسيح المجيدة.
وربما كان واحداً من أهم أسباب الضعف الروحي في حياتنا هو اختفاء كنيسة المنزل والمذبح العائلي حينما تلتف الأسرة حول عريسها السماوي تتمتع بالحديث معه في الصلاة والاستماع إلى كلماته من خلال الكتاب المقدس.

هي رسالة إلى شخص محب ومؤمن ، له هذه الصفات الرائعة نحو الرب وجميع القديسين أعضاء جسد المسيح حتى أن الرسول سمع بها رغم بعد المسافة بينهما واهتم أن يصلي إلى الله شاكراً إياه من أجلها وأن يزيده الله صلاحاً وفاعلية (4 – 7).
ومن الجميل في هذه الرسالة أن الرسول بولس قد امتنع عن استخدام سلطانه الرسول من أجل حل هذه المشكلة ، ولكنه كدارس متميز للطبيعة البشرية قام باستعطاف فليمون بدلاً من أن يأمره، رافعاً من شأن أنسيمس إلى مرتبة الابن الذي ولده بينما هو مقيد من أجل اسم المسيح (8 –10).
ثم يستخدم الرسول بلاغته اللغوية حينما يتحدث عن أنسيموس
ومعنى اسمه نافع فيقول أنه "كان قبلاً غير نافع لك ولكنه الآن نافع لك ولي" (11). وهذا هو عمل السيد المسيح في النفوس الغير نافعة فيحولها بقوته ونعمته إلى نفوس نافعة تأتي بثمار ثلاثون وستون ومائة.
ومن الملاحظ أن الرسول بولس وهو يقترب من طلبه الرئيسي من فليمون لا يفعل ذلك مرة واحدة ولكنه يستخدم التدرج الرقيق حتى يستطيع أن يمتص غضب فليمون ومرارته الناتجة عن هروب عبده بعد أن سرقه.
كما نرى أن طريقة الرسول بولس في معالجته لقضية العبد السارق تشبه - مع الفارق – طريقة السيد المسيح في تعامله مع خطايانا. فلم يقلل بولس من خطأ أنسيموس ولكنه طلب من فليمون أن يسامحه على أساس المحبة المتبادلة بينهما كما تعهد أن يقوم بسداد الدين بالكامل. وهذه هي رسالة الإنجيل أن المسيح – له كل المجد – حمل خطايانا وأخذ مكاننا ومات عنا وقام ليهبنا الحياة الأبدية ، لا كعبيد بل كأبناء أحباء.
ثانيا: المعالجة الاجتماعية
إن السر في حل المشكلة الرئيسية في هذا السفر - قبول أنسيموس السارق الهارب - يأتي من محبة المسيح الغير نهائية ، والتي سادت العلاقة بين فليمون وأنسيموس بعد ذلك "لا كعبد في ما بعد بل افضل من عبد أخا محبوبا ولا سيما إلىَّ فكم بالحري إليك في الجسد والرب جميعا" (16)
وهذه الرسالة تعطي فكرة واضحة نحو موقف المسيحية من التنظيمات الاجتماعية العالمية.
فالموضوع الرئيسي هو العبودية التي كانت سائدة في العالم في ذلك الوقت. فإذا كانت العبودية خطأ فلماذا لم يقل الرسول بولس ذلك صراحة بدلاً من هذه الرسالة لطلب الصفح من أجل عبد هارب؟
هل تتوقع ما كان يمكن حدوثه إذا فعل الرسول ذلك ؟ بالطبع فإن معالجة كهذه تتسبب في تمزيق المجتمع ، قيام الانقلابات ، تهديد الأمن ، موت العبيد والسادة أيضاً .. إلى آخر هذه المظاهر بنتائجها الوخيمة.
ولكنه بدلاً من ذلك وضع المبادئ العامة القادرة على ضعضعة نظام العبودية عالماً بأنه حتماً سيأتي الوقت حينما تنتشر هذه المبادئ في كل مكان وينتهي هذا النظام بطريقة هادئة سلمية. فحرية الأخوة والعضوية في جسد المسيح أقوى بكثير من أي عبودية عالمية. فالمسيحية لا تحرر العبيد فقط ولكنها تؤكد أن العبيد والسادة كلاهما أعضاء متساوين في جسد المسيح.
وفعلاً فقد تحرر العالم من هذه التجارة البغيضة بفضل تعاليم الكتاب المقدس العظيم.
ولكن وللأسف فإن إنسان اليوم يغمض عينيه عن تعاليم المسيح، ويتورط في هذه التجارة المريعة تحت أسماء أخرى في العديد من بقاع العالم ، فنجد أن الأجساد والنفوس تمتهن وتباع وتشترى بطريقة لا ترضي إلهنا الذي جاء من أجل أن يطلق المسببين أحراراً .
وإن كان الرسول قد أملى هذه الرسالة على تيموثاوس أو تيخيكس كما هي العادة في هذه الأيام إلا أننا نراه وهو يأخذ قلم الكتابة ويكتب بيده "أنا بولس ، كتبت بيدي ، أنا أوفي ، حتى لا أقول لك أنك مديون لي بنفسك أيضاً" (19)
وفي هذا إشارة إلى التزام بولس بالوفاء بالدين ، رغم علمه بأنه صاحب معروف كبير على فليمون نفسه ، ربما أن إيمان فليمون كان بسبب تعاليم الرسول العظيم.