مدن فى الكتاب المقدس ( اشور ) - Abahoor

مدن فى الكتاب المقدس ( اشور )



                  اشور في تاريخ الكتاب المقدس
تتحدث عن اشور،‏ الدولة العالمية الثانية في تاريخ الكتاب المقدس.‏ والهدف منها هو الاثبات ان هذا الكتاب جدير بالثقة وموحى به من الله وأن رسالته تبعث الرجاء بنهاية الآلام الناجمة عن تسلّط الانسان بوحشية على اخيه الانسان.‏

كان مجرد ذكر اشور يجمّد الدم في عروق الشعوب التي قطنت الشرق الاوسط قديما.‏ فبحسب سفر يونان في الكتاب المقدس،‏ عندما فوّض الله الى هذا النبي مهمة المناداة برسالة دينونة في العاصمة الاشورية نينوى،‏ لاذ بالفرار في الاتجاه المعاكس.‏ (‏يونان ١:‏​١-‏٣‏)‏ ولعلّ سبب هروبه صيت الاشوريين المروّع.‏

تاريخ موثوق به
وصف ناحوم،‏ احد انبياء الكتاب المقدس،‏ نينوى انها «مأوى الأسود» و «مدينة الدماء».‏ ثم اردف قائلا:‏ «لا تفارقها الفرائس.‏ صوت السّياط وصوت قعقعة البَكَر،‏ وخيل تخبّ ومركبات تثب.‏ ركوب الفرسان،‏ ولهب السيف وبريق الرمح،‏ وكثرة قتلى وركام من الجيف،‏ ولا نهاية للجثث،‏ وهم يعثرون بجثثهم».‏ (‏ناحوم ٢:‏١١؛‏ ٣:‏​١-‏٣‏)‏ فهل يدعم التاريخ الدنيوي وصف الكتاب المقدس لأشور القديمة؟‏
يدعو كتاب ضوء من الماضي القديم ‏(‏بالانكليزية)‏ اشور «آلة حرب وحشية تعتمد سياسة بثّ الرعب في قلوب خصومها».‏ وتُظهر الكلمات التالية كيف كان الملك اشورناصربال الثاني يتبجح بتعاملاته مع مقاوميه:‏

نقش حجري ناتئ يصوّر كيف كان جلد السجناء يُسلخ وهم احياء        


‏«بنيت برجا عند بوابة مدينته،‏ وسلخت جلد كل الزعماء الذين تمردوا وكسوت البرج بجلودهم؛‏ سجنت البعض داخل البرج،‏ ووضعت البعض الآخر على خوازيق عند البرج،‏ .‏ .‏ .‏ بترت اطراف الضباط،‏ ضباط الملك الذين تمردوا.‏ .‏ .‏ .‏ وأسرى كثيرين بينهم احرقت بالنار،‏ وكثيرون اخذتهم اسرى احياء».‏ وحين نبش علماء الآثار قصور الملوك الاشوريين،‏ وجدوا الجدران موشاة برسوم تصوّر كيف كانوا ينكّلون بالاسرى.‏

سنة ٧٤٠ ق‌م،‏ اخضعت اشور السامرة،‏ عاصمة مملكة اسرائيل الشمالية،‏ وأخذت شعبها الى السبي.‏ وبعد مرور ثماني سنوات،‏ اجتاحت يهوذا.‏ * (‏٢ ملوك ١٨:‏١٣‏)‏ وفرض الملك الاشوري سنحاريب على حزقيا ملك يهوذا جزية كانت عبارة عن ٣٠ وزنة من الذهب و ٣٠٠ وزنة من الفضة.‏ ومع ان الكتاب المقدس يذكر ان الجزية دُفعت،‏ أصرّ سنحاريب ان تستسلم له اورشليم عاصمة يهوذا دون قيد او شرط.‏ —‏ ٢ ملوك ١٨:‏​٩-‏١٧،‏ ٢٨-‏٣١‏.
وقد عثر علماء الآثار في نينوى على رواية في حوليات سنحاريب تسرد الحوادث عينها.‏ ففي هذا النص المنقوش على موشور صلصالي مسدّس الشكل،‏ يتباهى الملك الاشوري قائلا:‏ «اما حزقيا اليهودي،‏ فلم يخضع لنيري،‏ فحاصرتُ ٤٦ من مدنه الحصينة،‏ قلاعه المسوَّرة،‏ وعددا لا يحصى من القرى الصغيرة في جوارها،‏ وفتحتها .‏ .‏ .‏ أمّا هو [حزقيا] نفسه فجعلته سجينا في اورشليم،‏ مقرّه الملكي،‏ كعصفور في قفص».‏ ثم زعم سنحاريب ان حزقيا ارسل اليه «٣٠ وزنة من الذهب،‏ ٨٠٠ وزنة من الفضة،‏ وأحجارا كريمة،‏ .‏ .‏ .‏ وكل انواع الكنوز النفيسة»،‏ مضخّما عدد وزنات الفضة التي حصل عليها فعليا.‏
ولكن لاحظ ان سنحاريب لا يدّعي اخضاع اورشليم.‏ وفي الواقع،‏ انه لا يأتي على ذكر الهزيمة الساحقة التي كابدها جيشه جراء التدخّل الالهي.‏ فوفقا للكتاب المقدس،‏ قضى ملاك الله على ١٨٥٬٠٠٠ جندي اشوري في ليلة واحدة.‏ (‏٢ ملوك ١٩:‏​٣٥،‏ ٣٦‏)‏ يذكر العالِم جاك فاينڠان:‏ «نظرا الى ان التبجح ميزة عامة تتخلل كتابات الملوك الاشوريين،‏ لا يمكن ان نتوقع ان يدون سنحاريب هزيمة كهذه».‏

نبوات 
قبل حوالي مئة سنة من سقوط الامبراطورية الاشورية،‏ اعلن اشعيا ان يهوه الله سيستدعي اولئك الغزاة المتعجرفين لمحاسبتهم على معاملة شعبه بوقاحة.‏ فقد قال يهوه:‏ «احاسب ملك اشور على ثمر وقاحة قلبه وغرور تشامخ عينيه».‏ (‏اشعيا ١٠:‏١٢‏)‏ علاوة على ذلك،‏ انبأ نبي الله ناحوم ان نينوى ستُنهب وأبوابها ستُفتح لأعدائها وحرّاسها سيهربون.‏ (‏ناحوم ٢:‏​٨،‏ ٩؛‏ ٣:‏​٧،‏ ١٣،‏ ١٧،‏ ١٩‏)‏ كما كتب النبي صفنيا انها ستصبح «قفرا».‏ —‏ صفنيا ٢:‏​١٣-‏١٥‏.‏
تمت نبوات الدمار هذه سنة ٦٣٢ ق‌م عندما سقطت نينوى في قبضة القوات البابلية والمادية المتحالفة،‏ فبلغت الامبراطورية الاشورية نهاية مخزية.‏ ويخبر سجل بابلي عن ذلك الحدث ان الغزاة «حملوا معهم الغنائم الوافرة من المدينة والهيكل» وحوّلوا نينوى «الى كومة انقاض».‏ واليوم،‏ تسم القفر حيث وُجدت نينوى اكوام من الخرائب الواقعة على الضفة الشرقية لنهر دجلة قبالة مدينة الموصل في العراق.‏
وساهم ايضا دمار اشور في اتمام نبوة اخرى في الكتاب المقدس.‏ ففي وقت سابق سنة ٧٤٠ ق‌م،‏ سبى الاشوريون مملكة اسرائيل ذات العشرة اسباط.‏ وفي الفترة عينها تقريبا،‏ انبأ نبي الله اشعيا ان يهوه ‹سيكسر اشور› و ‹يدوسها› ويعيد اسرائيل الى موطنه.‏ كتب قائلا:‏ ‹يضمّ الله بقية شعبه التي بقيت من اشور›.‏ وهذا ما حدث تماما بعد مئتي سنة تقريبا.‏ —‏ اشعيا ١١:‏​١١،‏ ١٢؛‏ ١٤:‏٢٥‏.‏

وعد 
قبل سقوط نينوى بوقت طويل وحين كان ملوكها لا يزالون يلقون الذعر في قلوب اعدائهم،‏ انبأ اشعيا بمجيء حاكم مختلف كليا قائلا:‏ «يولد لنا ولد،‏ ويُعطى لنا ابن،‏ وتكون الرئاسة على كتفه.‏ ويُدعى اسمه .‏ .‏ .‏ رئيس السلام.‏ لنموّ رئاسته وللسلام لا نهاية على عرش داود وعلى مملكته،‏ ليثبّتها ويسندها بالعدل والبر،‏ من الآن وإلى الدهر.‏ غيرة يهوه الجنود تفعل هذا».‏ —‏ اشعيا ٩:‏​٦،‏ ٧‏.‏
وحكم «رئيس السلام» يسوع المسيح سيعمّ الارض بأسرها.‏ يقول المزمور ٧٢:‏​٧،‏ ٨‏:‏ «يزهر في ايامه البار،‏ وكثرة السلام الى ان يزول القمر.‏ ويكون رعاياه من البحر الى البحر،‏ ومن النهر [الفرات] الى اقاصي الارض».‏
وبواسطة «رئيس السلام» القدير هذا،‏ سيحقق يهوه الله الوعد المدوّن في المزمور ٤٦:‏​٨،‏ ٩‏:‏ «هلمّوا انظروا اعمال يهوه،‏ كيف جعل دهشا في الارض.‏ مسكّن الحروب الى اقصى الارض.‏ يكسر القوس ويقطع الرمح،‏ ويحرق العجلات بالنار».‏
وتمهيدا لإتمام هذه النبوة،‏ يتولى شهود يهوه على غرار يسوع برنامجا لتعليم الكتاب المقدس يساعد الناس ان يعيشوا بسلام.‏ نعم،‏ الله لا الانسان هو الذي سيحقق النبوة في اشعيا ٢:‏٤‏:‏ «يطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل.‏ لا ترفع امة على امة سيفا ولا يتعلّمون الحرب في ما بعد».‏ بالمقابل،‏ ينفق العالم وحكامه في ايامنا هذه تريليون دولار سنويا على المساعي العسكرية.‏
حقا،‏ ان تاريخ الكتاب المقدس الدقيق ونبواته الموثوقة تسمو به الى مصاف لا يرقى اليها ايّ مؤلَّف آخر،‏ ما يؤكد لكل من يبحث عن الحق بإخلاص انه كتاب جدير بالثقة.‏ وسيتضمن العددان التاليان من هذه المجلة مقالات تتناول دولا عالمية اخرى في تاريخ الكتاب المقدس.‏