مدن فى الكتاب المقدس ( مصر ) 1 - Abahoor

مدن فى الكتاب المقدس ( مصر ) 1


                       مصر فى الكتاب المقدس                                       -1- فى العهد القديم
                                                             
مصر دولة عريقة غالية جداً على قلب الله، يبدأ تاريخها من بعد الطوفان. فمصر هي مصرايم ابن حام ابن نوح "وبنو حام كوش ومصرايم وفوط وكنعان." (تكوين 10 : 6). أهلك الله الأشرار بالطوفان وحفظ نوح البار وأولاده داخل الفلك في عهد خاص. وهذا هو أول عهد حماية خاص من الله لمصر من قبل أن تُولد. "ولكن أقيم عهدي معك. فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك." (تكوين 6 : 18).

ثم صنع الله عهداً ثانياً ألا يهلك الأرض بالطوفان وعلامة العهد هي قوس القزح "وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني وبين الأرض. فيكون متى أنشر سحاباً على الأرض وتظهر القوس في السحاب. أنى أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حيه في كل جسد. فلا تكون أيضاً المياه طوفاناً لتهلك كل ذي جسد." (تكوين 6 : 13-15)

أتى إبراهيم إلى مصر هرباً من الجوع، فأنقذت مصر حياته وعائلته من الموت جوعاً. "وحدث جوع في الأرض فانحدر أبرام إلى مصر ليتغرب هناك لأن الجوع في الأرض كان شديداً." (تكوين 12 : 10).

خرج إبراهيم من مصر غنى مبارك "فصعد أبرام من مصر هو وامرأته وكل ما كان له ولوط معه إلى الجنوب. وكان أبرام غنياً جداً في المواشي والفضة والذهب" (تكوين 13 : 1-2).

وعد الله لإبراهيم هو: "وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض." (تكوين 12 : 3) ومصر باركت إبراهيم بغنى فلهذا فهي تحت قانون البركة الذي هو وعد الله الذي لا يخلف الميعاد.

في رأى الله أن أرض مصر جنة "كجنة الرب كأرض مصر" (تكوين 13 : 10).

إبراهيم تزوج مصرية من دون نساء كل العالم "فأخذت ساراي امرأة أبرام هاجر المصرية جاريتها من بعد عشر سنين لإقامة أبرام في أرض كنعان وأعطتها لأبرام رجلها زوجة له" (تكوين 16 : 3).

الابن البكر لإبراهيم نصفه مصري من أم مصرية "كان أبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لأبرام" (تكوين 16 : 16).

موقف الله من إسماعيل "فسمع الله صوت الغلام. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به. لأني سأجعله أمة عظيمة" (تكوين 21 : 17-18).

عهد الله مع إبراهيم وعلامته الختان "وقال الله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدي. أنت ونسلك من بعدك … يختن منكم كل ذكر. فتختنون في لحم غرلتكم. فيكون علامة عهد بيني وبينكم. ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر" (تكوين 17 : 9-12). فختان إسماعيل وأبيه إبراهيم في ذات اليوم وكونه ابن إبراهيم جعله ضمن عهد الله لبركة إبراهيم "وكان ابراهيم ابن تسع وتسعين سنة حين ختن في لحم غرلته. وكان إسماعيل ابنه ابن ثلاث عشرة سنة حين ختن في لحم غرلته. في ذلك اليوم عينه ختن إبراهيم وإسماعيل ابنه" (تكوين 24-26). فالله لم يرفض إسماعيل لكنه باركه وقبله داخل العهد.

بركة الله لإسماعيل الذي أمه مصرية جعلت مصر هي أم لأثني عشر رئيساً أي الوطن العربي "وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً اثني عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة" (تكوين 17 : 20). ومن ثم فمصر الأم هي رائدة المنطقة. ولا آمان بعيداً عن حضن الأم ولا مشورة تصلح إلا رأى الأم.

أخوة يوسف يعقوب اسحق إبراهيم حقدوا عليه وأرادوا أن يقتلوه، ثم قرروا بيعه للمصريين. وبمجيئه لمصر أنقذت حياته وفي توقيت الله تبارك يوسف في مصر التي أتى إليها عبد مباع وأصبح رئيساً للوزراء ووزيراً للزراعة ووزيراً للاقتصاد "ثم قال فرعون ليوسف انظر قد جعلتك على كل أرض مصر" (تكوين 41 : 41).

كاد الجوع يهلك كل الأرض، لكن الحل كان في مصر حيث القمح واستبقاء الحياة . فرأى الله أنه حين يكون جوع في العالم تكون مصر أرض الحماية والبركة والشبع، الحل يخرج من مصر فهذا هو فكر الله "وكان الجوع على كل وجه الأرض وفتح يوسف جميع ما فيه طعام وباع للمصريين واشتد الجوع في أرض مصر. وجاءت كل الأرض إلى مصر إلى يوسف لتشتري قمحاً لأن الجوع كان شديداً في كل الأرض" (تكوين 41 : 56-57). الخبز الذي قدمه يوسف أنقذ مصر والعالم. واليوم مازال في مصر خبز الحياة. إنما لاستبقاء حياة كانت خطة الله ليرسل يوسف لمصر ليحي شعبه.

أتت عائلة يعقوب أبو يوسف إلى مصر هرباً من الجوع في بلادهم. سبعون فرداً أتوا إلى مصر. وفي مصر تباركوا وكثروا وخرجوا منها شعباً كبيراً بعد 430 سنة ضيافة. "وقال يعقوب يعقوب فقال هأنذا. فقال أنا الله اله أبيك لا تخف من النزول إلى مصر لأني أجعلك أمة عظيمة هناك. أنا أنزل معك إلى مصر وأنا أصعدك أيضا" (تكوين 46 : 2-4)، "وابنا يوسف اللذان ولدا له في مصر نفسان جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون" (تكوين 46 : 27)، "التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين سنة" (خروج 12 : 40)، "أراميا تائها كان أبي فانحدر إلى مصر وتغرب هناك في نفر قليل فصار هناك أمة كبيرة وعظيمة وكثيرة" (تثنية 26 : 5)

يأمر الله شعب إسرائيل أن لا يكره المصريين "لا تكره مصريا لأنك كنت نزيلا في أرضه" (تثنية 23 : 7).

يشهد الكتاب بحكمة وعلم المصريين. "فتهذب موسى بكل حكمة المصريين (أعمال الرسل 7 : 22).

أنشق البحر الأحمر في معجزة الخروج من مصر مما جعله يختلف عن سائر بحار العالم حيث إنه القاع الوحيد الذي رأى النور وأنطبع ذلك على أسماكه، كما أصبحت مياهه الطاهرة منتجع صحي للشفاء من الأمراض الجلدية كالصدفية وغيرها "ومد موسى يده على البحر فأجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء" (خروج 14 : 21).

اختار الله جبل حوريب (جبل موسى) بسانت كاترين في جنوب سيناء بمصر دون غيره ليكون المكان الذي يعطى فيه الوصايا العشر حيث ينقل فكره وشريعته للعالم. فتقدس الجبل حين حل عليه مجد الرب. فقال الرب لموسى اذهب إلى الشعب و قدسهم اليوم وغدا وليغسلوا ثيابهم. ويكونوا مستعدين لليوم الثالث لأنه في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء. و تقيم للشعب حدودا من كل ناحية قائلا احترزوا من أن تصعدوا إلى الجبل أو تمسوا طرفه كل من يمس الجبل يقتل قتلا. لا تمسه يد بل يرجم رجما أو يرمى رميا بهيمة كان أم إنساناً لا يعيش أما عند صوت البوق فهم يصعدون إلى الجبل" (خروج 19 : 10-13) ، "وكان جبل سيناء كله يدخن من اجل أن الرب نزل عليه بالنار وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف كل الجبل جدا" (خروج 19 : 18) ، "وبكر موسى في الصباح وصعد إلى جبل سيناء كما أمره الرب وأخذ في يده لوحي الحجر. فنزل الرب في السحاب فوقف عنده هناك ونادى باسم الرب" (خروج 34 : 4-5).

لمصر نبوات عديدة في الكتاب، أهمها "بها يبارك رب الجنود قائلا مبارك شعبي مصر" (إشعياء 19 : 25) يعنى أن الله يبارك شعب مصر من حيث عدد سكانها وشبابها ومواردها وموقعها وطبيعتها وأرضها وشمسها ونيلها. وهذا وقت البركة لأننا في العهد المبارك من الله. يقول "شعبي مصر".في إشعياء أبرز أسفار العهد القديم الذي هو توراة اليهود. وقلب الله الأبوي لم يعد يقتصر على "شعب الله المختار" "بل في كل أمة الذي يتقيه و يصنع البر مقبول عنده" (أعمال 10 : 35) ، كما يقول "فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل. (أعمال 17 : 30).

ويقول "الرب يبارك شعبه بالسلام." (مزمور 29 : 11) وفى إشعياء يقول مبارك شعبي مصر، إذن فمصر شعب الله مبارك بالسلام وسط عالم مضطرب. فالمصريون شعب مسالم يعشق الحياة وفى مصر يأمن الأجنبي على حياته أكثر من أمنه في موطنه الأصلي مهما بلغت به درجات التحصينات. وبدون جهود مصر للسلام لم يكن بحق هناك سلام مع جيراننا خاصاً بهذا الزمن.

ولمصر مكانة خاصة ونبوات بشأن معرفة الرب "فيُعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا ويوفون به" (إشعياء 19 : 21) فالبركة لمصر من مقاصد الله الأزلية فالمصريون شعب متدين يبحث عن الله وعن رضاه. "هذا الشعب جبلته لنفسي يحدث بتسبيحي" (إشعياء 34 : 21).

مصر مكان الأمن والحماية والسلام. حين جاء السيد المسيح إلى الأرض كان يُخشى على حياته وتتميم مقاصد الله العليا في أورشليم لذلك "ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه. فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر. وكان هناك إلى وفاة هيرودس لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني" (متى 2 : 13-15). وأول طعام تناوله المسيح بعد الفطام كان طعاماً مصرياً وأول ماء شربه بعد اللبن كان من نيل مصر. فأتى إلى مصر رضيعاً للحماية وفي مقام أخذ الجنسية المصرية فبهذا رفع الله شأن مصر دون كل دول العالم بأن جعلها أهلاً لشرف استقبال المسيح بها. فكان لمصر دور عظيم في حماية مقاصد الله الإلهية وخطته للخلاص. وحين بدء دعوة السيد المسيح لم تكن إلا من مصر ليتمم نبوات العهد القديم فيه "ومن مصر دعوت ابني." (هوشع 11 : 1). والآن هو زمن الله ليكافئ مصر بأن يباركها ويكثرها شعباً وأرضاً وبركات وإثمار، بل ويعلن الله لشعبه مصر عن ذاته ويحميه ويمنحه سلاماً في الزمن الصعب. ويجعل مصر منارة لإفريقيا ورائدة للعالم العربي. فهذا هو موقع مصر على خريطة الله في الكتاب المقدس ولن يقدر أحد أن يلعن شعب باركه الله حين قال "مبارك شعبي مصر".