بطـــــــ(5)ــــــــــرس
اسم عبري معناه "صخرة" أو "حجر" وكان هذا الرسول يسمى أولًا سمعان واسم أبيه يونا (مت 16: 17) واسم أخيه أندراوس، واسم مدينته بيت صيدا. فلما تبع يسوع سمي "كيفا" وهي كلمة آرامية معناها صخرة، يقابلها في العربية صفا أي صخرة وقد سّماه المسيح بهذا الاسم. والصخرة باليونانية بيتروس ومنها بطرس (يو 1: 42 ومت 16: 18) وكانت مهنة بطرس (يو 1: 42 ومت 16: 18) وكانت مهنة بطرس صيد السمك التي كان بواسطتها يحصل على ما يكفي عائلته المقيمة في كفر ناحوم كما يستدل من شفاء يسوع لحماته وشفائها من الحمّى. (مت 8: 14 و15 ومر 1: 29-31 ولو 4: 38-40).
ويرجح أن بطرس كان تلميذًا ليوحنا المعمدان قبل مجيئه إلى المسيح. وقد جاء به إلى يسوع أخوه أندراوس واحد من تلميذي يوحنا المعمدان المقربين إليه. وقد أشار يوحنا في حضورهما إلى يسوع بعد رجوعه من التجربة في البرية (يوحنا 1: 35-42)
. وقد دعا يسوع بطرس ثلاث مرات
فأولًا: دعاه ليكون تلميذًا،
ودعاه ثانية: لكي يكون رفيقًا له ملازمًا إياه باستمرار (مت 4: 19 ومر 1: 17 ولو 5: 10)
ثم دعاه ثالثة: لكي يكون رسولًا له (مت 10: 2 ومر 3: 14 و16 ولو 6: 13 و14) وقد ساعد حماس بطرس ونشاطه وغيرته على أن يبرز كالمتقدم بين التلاميذ من البداية. فيذكر اسمه دائمًا
أولًا عند ذكر أسماء الرسل (مت 10: 2 ومر 3: 16 ولو 6: 14 واع 1: 13).
وكذلك عند ذكر أسماء التلاميذ الثلاثة المقربين جدًا إلى يسوع كان اسمه يذكر أولًا فمثلًا في التجلي، وعند إقامة ابنه بايرس، وفي بستان جثسيماني وهلم جرا (مت 17: 1 ومر 5: 37 و9: 2 و13: 3 و14: 33 ولو 8: 51 و9: 28). وربما كان تحليل كل هذا بصورة خاطئة ما دعا الأخوة الكاثوليك إلى وضع بطرس الرسول في مرتبة خاصة، على الرغم من أن نفس السلطان الذي أخذه بطرس أخذه باقي التلاميذ، بل أن اندفاعه وتهوره في الفعل والكلام أدى إلى أن يكلمه السيد المسيح بأحاديث قاسية أكثر من مرة ولا يدل سقوطه السريع على شيء من الشك، فإن ما أظهره من المحبة لسيده بعد ذلك كفيل بالبرهنة على أن ما حصل من إنكار سيده، كما تركه جميع التلاميذ في ليلة المحاكمة، إنما كان ضعفًا بشريًا، لم يستمر طويلًا بل أن نظرة العتاب من سيده الذي عرفه جيدًا جعلته يخرج إلى خارج ويبكي بكاءً مرًّا (لو 22: 62).
وفي الكتاب المقدّس أمور تذكر مختصة بهذا الرسول، تظهر صفاته الحسنة، كقوله ليسوع "اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطيء" (لو 5: 8 و9) وما ذلك إلا لتأّثره السريع بالعجيبة التي صنعها المسيح. وهكذا إذا تتبّعنا سيرة هذا الرسول نرى أمورًا تبرهن على سرعة إيمانه وثقته بابن الله، منها مشية على الماء (مت 14: 29) ومنها أنه أوّل من أدرك حقيقة شخصية يسوع فاقرّ جهارًا بأنه المسيح ابن الله (مت 16: 16).
هذا ولا يخلو أن فكرة كان متّجهًا نحو الأشياء الزمنية كما يظهر من قوله ليسوع بعد ذلك "حاشاك يا رب، لا يكون لك هذا وذلك إذ سمعه يقول، أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم الخ (مت 16: 22 و23) إلا انه مع كل ذلك كان متمسّكًا بكل ثبات بشده كما ظهر من قوله، "يا رب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك" (يو 6: 67 و68).
وحينما أراد يسوع أن يغسل أرجل التلاميذ أبي عليه ذلك أولًا إلاّ أنه لم يلبث أن اقتنع بكلام سيده وصرخ قائلًا "ليس رجليّ فقط بل يديّ وراسي". وإذا قال يسوع لتلاميذه "حيث اذهب أنا لا تقدرون انتم أن تأتوا"، قال له بطرس: "يا سيد، لماذا لا اقدر أن اتبعك الآن؟ إني أضع نفسي عنك" (يو 13: 37 و38).
وبعد القيامة، يخبرنا الجزء الأول من سفر الأعمال أن بطرس حقق ما أنبأ المسيح عنه "وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي" فسواء أكان المقصود بالصخرة الإيمان الذي صرّح به لبطرس، "إنه المسيح بن الله الحي" أم إن لفظة صخرة قصد بها الاستعمال المزدوج أي أن الإيمان هذا كان الأساس، أو أن بطرس واسمه معناه "صخرة" كما قدّمنا يعبّر عن الحقيقة أن كل من يؤمن بأن المسيح هو ابن الله الحي ومخلص العالم يكوّن الكنيسة، على كلا الحالين نشط بطرس لقيادة أعضاء الكنيسة الأولى.
فكان هو الذي قاد التلاميذ إلى سدّ الفراغ في عدد الرسل (1ع 1: 15) بانتخاب بديل ليهوذا. وكان هو الذي أوضح معنى حلول الروح، وكيف انه من الآن يكون الخلاص بالإيمان بابن الله لمغفرة الخطايا (1ع 2: 14-36). فانضم عند ذاك للكنيسة أول ثلاثة ألاف عضو. وكان الواسطة في شفاء الأعرج، وكان الكليم المدافع، والشارح للمسيحية (1ع 3: 4 و12 4: 8) وكان هو الذي وبّخ حنانيًا وسفيرة لتطهير أغراض ودوافع العطاء (1ع 5: 3 و8) وكان هو الفم الذي أعلن فتح باب الخلاص لليهود (1ع 2: 10 و38) وللأمم في موضوع كَرنيليوس (أع 10).
وبعد ما وُضعت أساسات الكنيسة، بدأ بطرس يختفي آخذًا مكانًا متواضعًا برضى وقبول. ففي الكنيسة في أورشليم أخذ القيادة يعقوب، أخو الرب (أع 12: 17 و15: 13 و21: 18 وغل 2: 9 و12) وكان الباب للأمم قد فتح على مصراعيه وتولىّ بولس الرسول القيادة في توصيل بشرى الخلاص لهم (غل 2: 7). وأما بطرس كرسول إنجيل الختان، تاركًا أورشليم ليعقوب والأمم لبولس.
وينهي سفر الأعمال ذكر نشاط بطرس في ص 15 عندما قوبل رأيه عن تبشير الأمم بالترحيب من الجميع. وبعد ذلك نسمع أنه كان في أنطاكية (غل 2: 11) وربما في كورنثوس (1 كو 1: 12) وأنه واصل رحلاته التبشيرية وزوجته معه من مكان لآخر (1 كو 9: 5) وأخيرًا استشهد كما سبق الرب وأخبره (يو 21: 19).
ووصف المؤرخون كيفية سجنه وصلبه بالتفصيل. غير أنه لا يستطيع أحد تأكيد أين ومتى كان ذلك بالضبط. وقيل أن المسيحيين في رومية نصحوا له بأن يهرب غير أنه, كما يقولون, رأى السيد داخلًا رومية وهو يحمل الصليب. فقال له إلى أين يا سيد؟ فأجابه إلى رومية حيث أصلب ثانية. قيل فتوبخ بطرس ورجع واستشهد مصلوبًا, وطلب أن ينكس الرأس إمعانًا في تأديب نفسه وفي الشهادة لسيده.
0 التعليقات:
التعبيرات