جغرافية كتاب مقدس كورة الجدريين: - Abahoor

جغرافية كتاب مقدس كورة الجدريين:



  •                     كورة الجدريين



لم تذكر "جدرة" صراحة، ولكنها ذكرت منسوبة لسكانها باسم "كورة الجدريين" (مر 5: 1، لو 8: 26 37)، وذكرت باسم "كورة الجرجسيين" في نفس القصة في إنجيل متى (8: 28)، وليس ثمة شك في أن النصين صحيحان.
وتمثل مدينة "جدرة" اليوم أطلال "أم قيس" على المرتفعات جنوبي العيون الساخنة في وادي اليرموك والمسماة "الحمة" على بعد نحو ستة أميال إلي الجنوب الشرقي من بحر الجليل.
ومن المؤكد أن سلطان جدرة باعتبارها المدينة الرئيسية في تلك المنطقة قد امتد إلي كل المنطقة شرقي البحر بما فيها مدينة "جرسة".
وكثيرا ما يظهر على عملات هذه المدينة، صورة سفينة، وهو دليل ضمني على أن منطقتها كانت تمتد حتى البحر. وبذلك يمكن تسمية تلك البلاد "كورة الجرجسيين" بالإشارة إلي المدينة الصغرى "جرسة" أو "كورة الجدريين" نسبة إلي المدينة الكبيرة "جدرة".
( 2) التاريخ: كانت جدرة إحدي المدن العشر "ديكابوليس". ويبدو أن الاسم "جدرة" سامي الأصل، ومازال صداه موجودا في "جدور" المجاورة للمقابر الصخرية القديمة والتوابيت الحجرية إلي الشرق من الأطلال الحالية، وعلى هذه القبور أبواب حجرية منحوتة، وتستخدم كمخازن للغلال أو مساكن للأهالي. ولكن لم يرد لهذا الموضع ذكر حتى عصور متأخرة. وقد احتلها أنطيوكس الكبير عندما غزا فلسطين في 218 ق.م. كما أخذها الكسندر يانياس بعد حصار دام عشرة شهور انتهت بتدميره لها. ويقال إن بومبي استردها في عام 63 ق.م. ومنه عادت إلي أيدي اليهود، فقد أعطاها دستورًا حرًا. ومنذ ذلك الحين بدأت المدينة في الازدهار، وأصبحت مقرًا لحكم أحد القناصل الذين عينهم جابينيوس لحكم اليهود.
كما أهداها أوغسطس قيصر إلي هيرودس الكبير في عام 30 ق.م. ولم يلتفت الإمبراطور إلي الاتهامات التي وجهها الأهالي لهيرودس لتصرفاته الظالمة من نحوهم. وبعد موت هيرودس، ضمت إلي ولاية سورية في العام الرابع قبل الميلاد.
وفي بداية ثورة اليهود، خربوا البلاد المحيطة بحدرة، فأسر الجدريون عددًا من أشجع رجال اليهود، وقتلوا بعضهم وسجنوا البعض الآخر، ثم سلم الأحزاب المدينة لفسباسيان الذي وضع فيها حامية عسكرية.
واحتفظت المدينة بأهميتها وعظمتها فترة طويلة وصارت مقرًا لإحدى الأقفيات. وبعد الفتح العربي، أخذ نجمها في الأفول وهي الآن أطلال خربة.
(3) وصفها وتحديد موقعها: أن بلدة "أم قيس" تطابق الوصف الذي ذكره الكتاب القدماء عن جدرة، فقد كانت حصنا منيعا بالقرب من اليرموك إلي الشرق من طبرية وسكيتوبوليس، على قمة جبل بعد ثلاثة أميال رومانية من العيون الساخنة والحمامات التي تسمى "الحمة" على ضفاف اليرموك. والجزء الضيق الذي تغطيه الأطلال يمتد نحو الأردن من مرتفعات جلعاد، ويوجد غور وادي اليرموك إلي الشمال ووادي عربة إلي الجنوب.
وتوجد العيون الساخنة المذكورة آنفًا، في أسفل الوادي إلي الشمال. وتنحدر حافة التل تدريجيا إلي الشرق، بينما تنحدر انحدارًا شديدًا في الجوانب الثلاثة الأخرى مما كان يجعل موقعها حصينًا جدًا.
ويمكن اقتفاء بقايا الجدران القديمة في دائرة تصل إلي ميلين كاملين، وكانت إحدى الطرق الرومانية العظيمة تتجه منها شرقا حتى "الدرعة". بينما اكتشف أحد المجاري المائية يمتد إلي بحيرة "الخاب" على بعد نحو عشرين ميلًا إلي الشمال من "درعة".
وتضم الأطلال مسرحين، وكنيسة على الطراز الروماني البازيليكى، ومعبدًا والعديد من المباني الهامة التي تحكي عظمة وأبهة المدينة في وقت ما. كما اكتشف شارع مرصوف يقوم على جانبيه صفان من الأعمدة، ويمتد من الشرق للغرب، ومازالت آثار العجلات الحربية واضحة عليه.

ويبدو أن وجود مدينة اخري باسم "جدرة" أمر مؤكد، وقد تكون هي المقصودة في بعض الآيات المشار إليها سابقا، والأرجح أنه تقوم مكانها الآن مدينة "جدور" بالقرب من "السلط". ولعل هذه المدينة الجنوبية كانت عاصمة "بيرية".