هل تحققت نبؤات الكتاب التي كان يصعب تصديقها ( 3 مدينه صور ) - Abahoor

هل تحققت نبؤات الكتاب التي كان يصعب تصديقها ( 3 مدينه صور )


                        ثالثًا: مدينة صور:                                         

تعظمت مدينة صور وازدهرت طيلة ألفى عام حتى أصبحت مستعمراتها في قرطاجة تنافس مدينة رومية، وإن كانت بابل تمثل سيدة الممالك في البر، فان صور مثلت سيدة البحار حيث صارت ملتقى الشعوب، وجذب ميناءها سفن الدول المختلفة، وأُقيمت فيها أسواق الذهب والفضة والأحجار الكريمة واللؤلؤ والعاج والأبنوس فأصبحت هي عروس آسيا بلا منافس، وبينما كانت صور تمثل سيدة البحار وأعظم المدن الساحلية تنبأ عنها أشعياء وحزقيال وعاموس وزكريا بالخراب، وجاءت النبؤات تصف الأحداث التي ستتم بالمدينة وصفًا تفصيليًا دقيقًا للغاية، وذلك قبل خرابها بمائة عام والمدينة كانت في أوج قوتها، ويمكن عرض هذه النبوات باختصار شديد كالآتي:

1- جاءت نبؤة أشعياء قبل خرابها بمائة عام فقال "عند وصول الخبر إلى مصر خبر صور. اعبروا إلى ترشيش. ولولوا بإسكان الساحل أهذه لكم المفتخرة التي منذ الأيام القديمة قِدَمها. تنقلها رجلاها بعيدًا للتغرُّب" (اش 23: 5-7) ثم حدّد حزقيال الملك الذي سيهدم مدينة صور قائلًا " لأنه هكذا قال السيد الرب هاأنذا أجلب على صور نبوخذ راصَّر ملك بابل من الشمال ملك الملوك بخيل وبمركبات وبفرسان وجماعة وشعب كثير.. " ويجعل مجانق على أسوارك ويهدم أبراجك بأدوات حربه" (حز 26: 7) وفعلًا حاصر نبوخذ راصَّر مدينة صور بعد نبؤة حزقيال النبي بثلاث سنوات، وحاصرها لمدة 13 سنة (585-573 ق.م) ولم يجلو عنها، بينما أخذ معظم أهلها أموالهم وهربوا إلى جزيرة قريبة تبعد نحو ميل من المدينة، وحصنوا هذه الجزيرة وبذلك تحققت نبؤة أشعياء النبي عندما قال عن المدينة "ينقلها رجلاها بعيدًا للتغرُّب" وعندما استولى نبوخذ راصَّر على المدينة سنة 573 ق.م. وجد معظم أهلها قد هجروها حاملين أموالهم وكنوزهم، وصوَّر حزقيال النبي هذا الموقف بأن نبوخذ نصر خدم هذه السنين بلا مقابل وبلا أجرة فقال "يا ابن آدم أن نبوخذ راصَّر ملك بابل استخدم جيشه خدمة شديدة على صور.. ولم تكن لهُ ولا لجيشِه أجرة من صور لأجل خدمته التي خدم بها عليها" (حز 29: 18)

2- عادت المدينة وبنيت على الجزيرة المنفصلة بعد سبعين سنة من خراب مدينة صور، وقد حدَّد أشعياء النبي هذه المدة صراحة وقال إنها تساوى عمر أحد الملوك وفعلًا تساوت مع عمر نبوخذ راصَّر الذي عاش سبعين سنة حكم منها 44 سنة " ويكون في ذلك اليوم أن صور تُنسى سبعين سنة كأيام ملك واحد. من بعد سبعين سنة يكون لصور كأغنية الزانية.. ويكون من بعد سبعين سنة أن الرب يتعهَّد صور فتعود إلى أجرتها" (اش 23:15-17) وفعلًا بعد سبعين سنة كانت أسوار صور الجديدة قد إرتفعت شاهقة حتى لا يقوى عليها عدو آخر.
                                         
3- بعد بناء المدينة الجديدة تنبأ زكريا عن خرابها أيضًا فقال "قد بَنَتْ صور حصنًا لنفسها وكوَّمت الفضة كالتراب والذهب كطين الأسواق. هوذا السيد يمتلكها ويضرب في البحر قوَّتها وهى تؤكل بالنار" (زك9: 3-4) وفي سنة 332 ق.م. وبينما كان الإسكندر الأكبر في طريقه إلى مصر حاصر المدينة لمدة سبعة أشهر، ولكيما يصل إلى المدينة ألقى بأنقاض المدينة القديمة في البحر ليصنع طريقًا لصور الجديدة، فعمل طريقًا بطول 800م. وعرضه ستون مترًا، كما طلب من البلاد التي أخضعها أن تُرسِل له بعض السفن، فقدمت له صيدا وارفاد نحو 80 سفينة، ورودس عشرة سفن، وسولي ومالوس ثلاث سفن، وليكيه عشرة سفن، وسفينة كبيرة من مكدونية، ومائة وعشرين سفينة من قبرص (برهان يتطلب قرار ص 318) فاستطاع أن يفتتح صور بعد أن تحقَّقت نبؤة حزقيال " هاأنذا عليك يا صور فأُصعِد عليك أممًا كثيرة كما يعلى البحر أمواجه" (حز 26:3) وفعلًا نجح الاسكندر الأكبر في اقتحام المدينة، وتحققت نبؤة حزقيال النبي التي تفوه بها منذ نحو مائتين وخمسين سنة خلت " وينهبون ثروتكِ ويغنمون تجارتكِ ويهدُّون أسوارك ويهدمون بيوتكِ البهيجة ويضعون حجارتكِ وخشبكِ وترابكِ في وسط المياه" (حز26:12) وبسبب ما تكبده الإسكندر الأكبر في فتح المدينة فقد نكل بأهلها فقتل منهم نحو 8000 نفس وصلب ألفين وباع منهم ثلاثين ألفًا عبيدًا، وخرَّب المدينة وأحرقها بالنار سنة 332 ق.م.

4-ظلت المدينة تُعمَّر وتُخرَّب عدة مرات خلال حكم اليونان والرومان والمسلمين والصليبيين، فيقول أحد المؤرخين " بعد أخذ بتولمايس وإخرابها، أرسل السلطان أحد الأمراء على فرقة من جيشه لأخذ صور، فملأ الرعب قلوب أهلها ففتحوا الأبواب بدون مقاومة، فذبح الأمير بعض سكانها وبيع الآخرون عبيدًا، وهدمت المعابد والأسواق، وأُبيد كل شيء بالسيف أو بالحريق (برهان يتطلب قرار ص 320) وعاد المسلمون للمدينة سنة 1291 فخرَّبوها تمامًا فتحققت فيها نبؤة حزقيال بالخراب الأبدي " وأُصيّرك كضخ الصخر فتكونين مبسطًا للشباك لا تُبنين بعد لأني أنا الرب تكلمت يقول السيد الرب" (حز26:14) ووضعت الكاتبة نينا جدجيان مدينة صور حديثًا فقالت " هناك سفن صغيرة للصيد، ولكن فحص الأساس يظهر أعمدة جرانيتية من العصر الروماني استعملها الصليبيون لتدعيم الأسوار، وصار البناء اليوم ملجأ لسفن الصيد الصغيرة، ومكانًا لتجفيف الشباك وهناك مدينة اليوم اسمها صور، لكنها ليست صور القديمة، لأنها مبنية على موقع آخر غير صور القديمة. أن صور سيدة البحار ومركز العالم التجاري لعدة قرون قد انتهت إلى غير رجعة!.. فان صور القديمة العظيمة قد سقطت تحت الركام، ولا يوجد منها فوق سطح الأرض سوى بعض الأعمدة المتناثرة وأنقاض برج الكاتدرائية المسيحية، وعندما يتطلع الواحد منا تحت الماء يرى أعمدة الجرانيت الضخمة والأحجار المُلقاة في قاع البحر، وحطام صور فوق الماء قليل. وعندما " زار الدكتور الكساندر كيت تلك المواضع لم يجد محلًا ينصب فيه خيمته، ووجد أن ذلك السدد (الطريق الذي صنعه الإسكندر)، صار متحجرًا مثل الصخر، ورأى الصيادين في الوقت ذاته باسطين شباكهم عليه فأخذ صورتهم، بالآلة المصوّرة، ونشرها في مقالاته المستوفية عن النبوات". والأمر المدهش أن الينابيع التي كانت تروى صور قديمًا ما زالت موجودة للآن تصب مياهها في البحر بمقدار عشرة ملايين جالون في اليوم، وهى كمية تكفى لقيام مدينة كبيرة، ومع هذا فان صور ستظل خرابًا إلى الأبد " لا تبنين بعد" (حز 26: 14).

. ....

5- ومن بين النبوات التي جاءت على صور قبول أبنائها الإيمان المسيحي " وتكون تجارتها وأجرتها قدس للرب" (اش 23: 18) وفعلًا حدث هذا وتحقَّقت هذه النبؤة.



وقام عالم الرياضيات بيتر سونر بتطبيق نظرية الاحتمالات على نبؤات حزقيال فقط دون أشعياء وزكريا فوجد نسبة إنطباق هذه النبوات على المدينة بمحض الصدفة كنسبة واحد إلى 75 مليون. وإن قال أحد النقاد ربما تكون هذه النبوات التي نسبت إلى أشعياء وحزقيال وزكريا قد كتبت بعد خراب مدينة صور ونسبت لهؤلاء الأنبياء، ولمثل هذا نقول وما رأيك في نبؤة حزقيال التي ما زالت قائمة حتى اليوم عندما تنبأ عن المدينة قائلًا " لا تبنين بعد"..؟! أن وجود هذه النبوات في مخطوطات وادي قمران منذ القرن الثالث قبل الميلاد كما حدَّد العلماء هذا لهو أمر ثابت، وأيضًا خراب صور للآن أمر ثابت، والأمران معًا يثبتان صحة الوحي في الكتاب المقدس وسلامة الكتاب أيضًا عن أي تحريف أو تغيير