سياحة قبطية // دير مار جرجس سدمنت الجبل - Abahoor

سياحة قبطية // دير مار جرجس سدمنت الجبل


دير مار جرجس سدمنت الجبل
ايبارشية
ومحافظة بنى سويف

             يقع دير سدمنت الجبل بمنطقة قرية سدمنت التابعة لمركز إهناسيا المدينة بمحافظة بنى سويف، وهي المنطقة
            التي كانت تعتبر امتدادًا طبيعيًا لمنطقة وادى النطرون الممتدة غربًا على جانب برية شيهيت بين مديرية البحيرة
            والفيوم، ومنطقة سدمنت الجبل كانت تزخر بأعداد كبيرة من الأديرة والقلالي وقد بلغت نحو خمسين ديرًا،
            ولكن أحداث الزمان والغزوات المتلاحقة أبادت الكثير منها ولم يبق الآن من الأعداد الكثيرة سوى خمسة وهي
            دير مارجرجس الرومانى بسدمنت، ودير الملاك ميخائيل ويبعد عن دير سدمنت بحوالى 2كم،
           ودير الملاك غبريال الشهير بأبوخشبة ويبعد عن الدير بحوالى 25كم، ودير الأنبا أبرام الشهير بدير العزب 
           بالفيوم ويبعد عن دير مارجرجس بحوالى 20كم، ودير السيدة العذراء الشهير بدير الحمام ويبعد عن 
           دير سدمنت بحوالي 15 كم.
           ويعتبر دير مارجرجس بسدمنت الجبل من أقدم أديرة هذه المنطقة، حيث يرجع إنشائه على أرجح قول إلى 
           القرن السادس الميلادي، وهو يقع على الشاطئ الغربي لبحر يوسف (البحر اليوسفي) ويبعد عن مركز أهناسيا
           بحوالى 7 كم ويبعد عن محافظة بنى سويف بحوالى 23كم، وعن محافظة القاهرة بحوالى 40 كم، وعن 
           الفيوم بنحو 30 كم، وهو يخضع حاليًا لإيبارشية بني سويف.
   
           وكان دير سدمنت الجبل يدخل ضمن أديرة أقليم مديرية الفيوم، ولكن بموجب التقسيم الإدارى لإيبارشيات
           مصر انفصل عن إيبارشية الفيوم وأصبح ضمن إيبارشية بنى سويف منذ عام 1881م.
 
            وأُطلق على الدير عدة مسميات كان منها دير سدمنت الجبل، وكلمة سدمنت قديمة مكونة من صا وامنت
            ومعناها ناحية الغرب، كما عرف باسم مارجرجس نسبة إلى القديس العظيم مارجرجس الروماني، وهو
             الاسم الذي ما يزال يطلق حتى يومنا هذا.
            ويعود تاريخ الرهبنة بدير سدمنت الجبل إلى القرن السادس الميلادي، وقد كان ديرًا عامرًا بالرهبان الذين
            وصل عددهم إلى حوالي 1300 راهب، مشهود لهم بالنسك والتقوى والعلم والفضيلة .
            وكان نظام المعيشة بين أولئك الرهبان بصفة عامة يتشابه مع حياة الرهبان بوادى النطرون من حيث البساطة
            التي بدت في تناول الطعام البسيط الذي كان قوامه القليل من الخبز الجاف وبعض الملح ولم يكن شرابهم غير
            الماء، وكان الأفطارعند معظمهم مرة واحدة عند غروب الشمس ومنهم من امتاز فى الزهد والتعبد ومضى 
            ثلاثه أو أربعة أيام في صيام كامل عن الطعام والشراب، وبعضهم كان يمضي أغلب لياليه ساهرًا في صلوات
            طويلة وإذا أعياه التعب لجأ إلى النوم لفترة وجيزة مستلقيًا على حصيرة من الحجر إمعانًا في التقشف وتعذيب 
            الجسد، وكانت هناك مجموعة من الأعمال التي تتم خارج قلاية التعبد، يتناوب الرهبان من خلالها خدمة الدير،
             ومنها العمل بالمطبخ أو المخبز أوحراسة الباب وإضاءة القناديل التي أطلق على صاحبها اسم القندلفت أو
            إعداد القربان أو دق الجرس أو ري وزراعة وجني ثمار وخضراوات الحديقة.




            ويعتبر النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي العصر الذهبي لدير مارجرجس بسدمنت، حيث استطاع 
            الراهب العلامة (بطرس السدمنتي) أن يؤسس جماعة من الرهبان بالدير يظهر دورها في ترتيب الطقوس 
            والصلوات في نظام خاص بهم، وينسب إليهم أنهم كانوا على درجة كبيرة من إدراك علوم الكنيسة في
            عصرهم، حسب ما وصفهم القس شمس الرياسة ابن كبر في كتابه "مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة" وهي
            كما يلي:
            أولاً: في الباب السادس عشر (ترتيب الصلوات النهارية والليلية) في الكلام على (ليالي كيهك) يُذكر أن لرهبان
             دير مارجرجس بسدمنت ترتيب فى صلواتهم وهو أن يوزعوا جميع المزامير على ساعات النهار والليل على
             هذا الترتيب، ويقرأون اللخيتلون عشية كل يوم من كتابه المرتب على الأيام.
           ثانيًا: في الباب الثامن عشر (في الصوم وترتيبه) ذكر ترتيب أيام البسخة المقدسة. أما البسخة السدمنتية فالنبوات 
            مرتبة فيها في كل ساعات الليل والنهار.
            أما العلامة القس بطرس السدمنتي أحد أعلام رهبان الدير، ففتحت مؤلفاته اللاهوتية التي صنفها بتواريخ
            ترجع إلى عامي (970-976ش/1254-1260م)، مجالاً للدراسة والبحث العلمي وهو ما تبنته جامعة ليون 
            بفرنسا، ويعتبر كتابة (التصحيح في الآم السيد المسيح) من أفضل المؤلفات التي بلغت أربعة عشر مؤلفًا، وهذه                                 
             المؤلفات مبعثرة بين المكتبة الأهلية بباريس ومكتبة الفاتيكان ومكتبات بعض أديرة لبنان.
            وتعرضت المنطقة عبر التاريخ لغارات المكابيين بقيادة المقوقس، وكان لها أكبر الأثر على تخريب الأديرة
             المجاورة للدير، باللإضافة إلى غارات العربان والظروف الطبيعية مثل النمل الأبيض التي التهمت أخشابه، 
            والظروف الاقتصادية التي أدت إلى هروب الرهبان وتشتتهم بالصحراء.
            وقد تعرض الدير لهجوم في عام 1987م أدى إلى هدم أسواره وسرقة الكثير من ممتلكاته العينية والمادية، 
            وتأثر الدير بزلزال 12 أكتوبر 1992م أدى إلى اعادة بناء كنيسته كاملة في ذات الفترة.




            كما يرجع الفضل إلى المتنيح نيافة الأنبا أثناسيوس (1925م) في الاهتمام بدير مارجرجس، حيث قام 
            بترمييمه وبتجديد الدير وإنشائه (طافوس) مكان يحوي أجساد ورفات الآباء الرهبان القدسين، ويضم الآن 
           رفات الأنبا إيساك مطران بني سويف والفيوم الذي توفى في 15 أغسطس1924م ونيافة الأنبا أثناسيوس
            الثاني المتوفى أول القرن الحادي والعشرين .



            ونخلص إلى أن دير سدمنت الجبل يحتاج  رسامة العديد من الرهبان الجدد لدير مارجرجس، وبهذا يعود الدير
            إلى وضعه الطبيعي، بالإضافة إلى تقوية أسواره وخاصة الغربية من ناحية الجبل وبناء القلالي وزراعته
            وتشجيره، كما يشاركهم المجلس الأعلى للآثار والمسؤولين عن السياحة الدينية لإعادته إلى صورته الأولى،
             لكي يسهم في دخلنا القومي.  

               
           أشهر معركة حربية للحملة الفرنسية في بنى سويف1798م

            ومما يُذكر أن منطقة دير سدمنت الجبل شهدت أشهر المعارك الحربية للحملة الفرنسية (1798-1801م)، 
            وهي معركة 7 أكتوبر 1798م بسدمنت الجبل، فبعد أن واصلت الفرقة الفرنسية سيرها في 5 أكتوبر 1798م
            بقيادة الجنرال (ديزيه) لملاقاة جيش (مراد بك) الذى تقهقر بالجبل شمالاً، تعقبه ديزيه طوال النهار فلم يستطع
             اللحاق به إذ كان جنوده قد أنهكهم التعب من سيرهم فى رمال الصحراء الوعرة.
            وفي يوم 6 أكتوبر بدأ الأهالي والمماليك يناوشون طلائع الجيش الفرنسي، فأقبل الجيش بهجوم عليهم ولكنهم 
            انسحبوا ليرابطوا في مواقع حصينة، وفي صباح 7 أكتوبر أخذت الفرقة تتابع سيرها حتى اقتربت من
            (سدمنت) وهناك التقى الطرفان على مقربه منها ودارت معركة من أشد المعارك كادت قوات ديزية تُسحق
            فيها لولا قوة المدفعية الفرنسية.
            وكان مراد بك قد جمع قوة كبيرة من أهالى الفيوم فرسانًا ومشاة وتحصن في آكام سدمنت، وكان هو 
           وخلفاؤه المصريون قد أعدوا معدات الهجوم وقوى أملهم في سحق الجيش الفرنسي لقلة عدد جنوده بالنسبة
           إليهم ومغامرتهم في بلاد صحراوية معادية بعيدًا عن قواعدهم الحربية.
          وكان عدد المماليك والمصريين في هذه المعركة يزيد عن ضعف الجيش الفرنسي، وكانو يحتلون مرتفعات 
           حصينة، ولكن فرقة ديزيه تميزت بالنظام الحربي وكفاية القيادة وقوة المدفعية وكثرة الزخيرة، مما أدى إلى
           هزيمة المماليك وقتل منهم نحو أربعمائه قتيل، أما خسائر الفرنسيين فبلغت 340 قتيلاًو150 جريحًا.
           وأُطلق على هذه المعركة واقعة (سدمنت) وهي تُعد في تاريخ الحملة الفرنسية من المعارك المهمة التي كان 
           لها أثر كبير في سير القتال وتطور الأحوال، وهي تلي واقعة الأهرام من حيث الأهمية التاريخية، إذ قضت 
           على آمال مراد بك في أن ينتصر في معركة منظمة وفتحت أمام ديزيه إقليم الفيوم الغني بحقوله وغلات 
          مزارعه.