سياحة
دير مار يوحنّا المعمدان
عجلتون – جبل لبنان
(تأسس سنة ١٨٩٧، عيده في ٢٤ حزيران)
بداياتُ هذا الدير تعودُ لأواخر القرن التاسعَ عشرَ
حين تسلّم الأبّاتي سمعان كسّاب بلّوني أرضًا وُهِبَها من نسيبَيْه يوحنّا طنوّس الجزيني
كسّاب وعقيلته مَنِّة أبو كحلا في إحدى تلال كسروان، فكفِلَ إنشاءَ ديرٍ فوقها يسبّحُ
من تحت قبابِه الله في مِساحةٍ اتّسعت لبناءٍ زيَّنه بالقناطر الحجريّة، وزَخرَفَهُ
باللمسات الهندسيّة الأخّاذة، يتوسّطُه مذبحٌ خشبيٌّ يَشغلُه الحفرُ المتقَنُ شكلا،
وخشعةٌ لشفيعِ الدير مار يوحنا المعمدان إكرامًا لواهب الأرض، وذلك منذ إنجاز البناء
بعد سنة واحدة من تسلّمِه أمانَةَ الأرض، وأمانةَ تشييد الدير لإتمام رغبة الواهبَينِ
الكسّابيّين وحفظِ نواياهما.
دير مار يوحنا ما لبث أن ضمّ في قاعاتِه مقاعدَ
للمتعلّمين مطلع القرن العشرين في لفتة مجّانيّة من الرّهبنة الأنطونية إلا أنّ الحربَ
العالميّةَ الأولى كسّرت أوائلَ الحروف في مهدها فصمتَ صوتُ الكلمة التربويّة، من غيرِ
أن يحجبَ صدى الكلمة الرّوحيّة، وقد عادت فتعالت من حناجرِ الطلبة الإكليريكيين بعد
انطفاء جَذوة الحرب الضروس، " يوجد المزيد على موقع blogger aba hoor"وارتياد المدعوّين كنفَ دير مار يوحنّا
ليعمّدوا أولى خطواتِهم في درب المسيح منه، ويعبّدوها باتّجاه مذبح كنيسة الدير على
مدى الأعوامِ الممتدّة من الألف والتسعِ مئة والثلاثة والعشرين (١٩٢٣) إلى الألفٍ والتسعِ
مئةٍ والستّة وعشرين (١٩٢٦)، ويتحوّل بعدها بين أواخر الثلاثينيّات وأواسط الثمانينيّات
محجًّا للرّهبان الأنطونيين صيفًا. نسائمُ الصيف لم تحجبْ الضبابَ الرّماديّ عن حلّة
الربيع في الحادي عشرَ من ايّار عامَ اثنين وتسعين (١٩٩٢) يومَ سقط شهيدًا، في عمليّة
اغتيال مجهولةِ المصدر الى اليوم، الاب سمعان الخوري، وحفرت في ذاكرة بوّابتِه لحظةً
قاتمةً لم تنسَها الرّهبنة الأنطونية لكنّها دفعتها لتضيءَ ذلك العتمَ المجهول، مرّة
بترميم كنيسته وتوسيع الدير عامَ ألفينِ وثلاثة (٢٠٠٣)، وتثبيتِ قبّة الجرس الجديدة
مساء عيد شفيعِه في ٢٣ حزيران ٢٠٠٣، ومرّةً بإضاءة قبَس الكلمة التعليميّة من جديد،
وتجعلَ من دير مار يوحنا ومدرستِه القديمة ديرًا يضمّ في حناياه ويستنبتُ في حقلِ أرضِه
سهلا واسعًا لبذور تعليميّةٍ جديدة تعلو سنابلَ بدءًا من العام ألفين. في ذلك العام
أنشئتِ المدرسةُ الأنطونية الدوليّةُ ذاتُ المناهج التربويّة العالميّة والفرنسيّة
واللبنانيّة، وحَصَدت بهمّة الرهبان نجاحًا ورسالة، قرأها وقرأ عنها الكثيرون في أواسط
كسروان فوثقوا بها وأرسلوا أولادهم لينالوا الشهادات في مدرسة توسّعت مبانيها وكبرت
مجالاتُها بين الالفين وواحِدٍ والألفين وخمسةَ عشرَ (٢٠٠١ – ٢٠١٥) في مشهدٍ خماسيّ
متطوّر، شكلا ومضمونا تضمّن خمسةَ مبانٍ تلقي السلام كلّ يوم على دير يتشفّع شفيعُه
بها لتبقى ملاذا وأمانا لأجيال تلو الأجيال تضاعفت أعدادُهم في خلال خمسَ عشْرَة سنة
لتربوَ عن الفين وخمسِ مئة، وتُخصَّص لمهاراتِهم ضمن المناهج التربويّة الحديثة نادٍ
رياضيّ ومبنًى كبير دشّنه غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في السابع والعشرين
من حزيران عامَ ألفين وخمسةَ عشرَ استحدُثت بجانبه كابيلّا على اسم القدّيس مارون.
ولم يكتفِ الأنطونيون بتميّز المدرسة الدوليّة على غير صعيد بل أضافوا إليها بناء مستقلا
للحضانة تلاقيًا مع قوانينِ تنظيم روضات الاطفال ليشكّل نموذجًا يُحتذى به تربويًّا
في مدرسةٍ تلقى شفاعة مار يوحنا المعمدان، أبي كنيسة دير الأنطونيين، نقطة بداياتِها
وسببِ وجودِها وديمومتِها بنعمةٍ روحيّة ومواكبةٍ أنطونيّة.
0 التعليقات:
التعبيرات