دير القديس مكاريوس السكندري بوادي الريان بالفيوم هو دير أثرى عرف من خلال التاريخ
ظهر أسم الدير فى العصر الحديث بعد أن أعيد تعميره
يُذكر أن الأب متى المسكين كان قد أرسل الراهب إليشع لتعمير الدير، وأن جهاز أمن الدولة سمح للرهبان بالإقامة بالدير بناءًا على تصريح، حيث طلب جهاز أمن الدولة من الراهب إليشع بعد اقتياده إلى جهاز أمن الدولة بالحصول على تصريح من وزارة البيئة للإقامة بالدير. وتجدر الإشارة إلى أن الرهبان يطلقون على هذا الدير بالدير المحفور ولكن جهاز أمن الدولة أطلق عليه الدير المهجور "كما هو مسجل في أمن الدولة"
من هو القديس مكاريوس السكندرى؟ القديس مقاريوس السكندري (الأنبا مقار | الأنبا مكاريوس | أنبا مقارة الإسكندراني | مقاريوس الصغير) كان هذا الأب معاصرًا للقديس مقاريوس الكبير أب الرهبان ، ولهذا أُطلِق عليه اسم مقاريوس الصغير للتفرقة بينه وبين الأنبا مقار ، وترهب في أحد الأديرة القريبة من الإسكندرية. ونظرًا لتزايده في النسك فقد صار أبًا ومرشدًا لجميع القلالي القريبة من الإسكندرية ولذا فقد دُعي أب جبل القلالي. وقد بلغ أتباعه من المتوحدين خمسة آلاف شخصًا ينهلون من فضيلته وقداسته وحكمته. ولما اكتظت القلالى بالرهبان هجرها إلى مركز جديد وهو الإسقيط، وكان اشد وعورة من سابقيه، وتبعه إلى هناك عدد محدود من تلاميذه المقربين له والمعجبين به. نشأته: وُلد بالإسكندرية حوالي عام 306م من والدين فقيرين، اشتغل خبازًا بضع سنين، وكان محبًا للناس، وكان قصير القامة ليس له لحية، وله شارب رفيع. تعمَّد في الأربعين من عمره، وبعد ذلك اتخذ قراره بترك كل شئ في العالم، وذهب إلى القديس أنطونيوس وتتلمذ له وترهب بوادي النطرون في أيام الأنبا مقاريوس الكبير.
بعد ذلك توجه إلى الصحراء المجاورة للإسكندرية إلى سيليا التي كانت قفرًا موحشًا ليس فيها طريق من أي نوع ولا أي أثر لكائنات حية، وكان هذا المكان بين نتريا والإسقيط. يبعد عن نتريا حوالي 15 كيلومترًا، وبينه وبين الإسقيط حوالي 119 كيلومترًا. نسكه وعبادته: قام بعبادات كثيرة وتحلى بفضائل عظيمة وباشر نسكيات زائدة، من ذلك أنه لبث مرة خمسة أيام وعقله في السماء. بعد أن قام بإدارة مدارس طالبي العماد اعتكف في صحراء وادي النطرون حيث تولى رئاسة الأديرة الكائنة في هذا الوادي وهي التي كان يطلق عليها وقتئذ اسم القلالي. وحدث أن سار في البرية عدة أيام في طريق غير ممهدة وكان يغرس في الطريق قطعًا من البوص لتهديه في العودة، ولما أراد الرجوع وجد الشيطان قد قلعها ليضله، فلما عطش أرسل الله له جاموسة، فشرب من لبنها حتى ارتوى إلى أن عاد إلى قلايته. إرشاده الباخوميين بالعمل: سمع عن الدير الباخومي في طبانسين بصعيد مصر، بالقرب من الأقصر، وكيف يعملون في خدمة الشعب بروح تقوي تحت قيادة العظيم أنبا باخوميوس أب الشركة. استبدل القديس مقاريوس ثيابه بثياب فلاح وذهب إلى الدير ماشيًا لمدة خمسة عشر يومًا. سأل عن القديس باخوميوس وكان الله قد أخفي عنه شخصية القديس مقاريوس. سأله الزائر: "أرجوك يا أبي أن تقبلني في ديرك، ربما اصير راهبا!" أجابه الأنبا باخوميوس: "ماذا تريد يا أخي؟ أراك أنك شخص مسن، ولا تقدر بجسمك هذا أن تمارس التقوى مثل الأخوة المتقشفين. لن تستطيع أن تحتمل الاستمرار في التدريب، ربما تعثر وتذهب تتكلم ضدهم. اذهب إلى مسكن الضيافة والفلاحين وامكث هناك وسوف أطعمك إلى أن ترغب في العودة". هكذا لم يقبله أن يعيش بين الرهبان في اليوم الأول ولا في اليوم الثاني حتى السابع. ضعف أنبا مقاريوس إذ بقي بدون طعام طوال الأسبوع فقابل رئيس الدير وقال له: "اقبلني يا أبي، وإن كنت لا أصوم ولا اتقشف، ولا أشتغل بيدي مثلهم فاطردني من ديرك". حينئذ أرسله إلى الاخوة الرهبان وكان عددهم ألفًا وأربعمائة، وأقام هناك مدة الأربعين المقدسة لم ينظره أحد في أثنائها آكلاً أو جالسًا، بل كان في كل هذه المدة يضفر الخوص وهو واقف، فقال الاخوة للقديس باخوميوس: "من أين أتيت بهذا الشي؟ أخرج عنا هذا الرجل لأنه ليس له جسد. أتيت به هنا لكي يذلنا. اجعله خارج هذا المكان وإلا نهرب جميعنا".
فقال لهم: "تأنوا قليلاً حتى يكشف لنا الله أمره". فلما سأل الرب عنه عرَّفه أنه مقاريوس السكندري. أحضره في وسط المكان الذي كانوا يجتمعون فيه بعد صلاة القداس الإلهي حتى يراه كل جموع الرهبان، وقال له: "هيا إلى هنا أيها الشيخ الجليل، كيف يكون هذا؟ هل أنت هو الأنبا مقاريوس وقد أخفيت نفسك عنا؟ كم من الزمان أسمع عنك وأرغب أن أراك! ولكنني أشكرك لأنك وعظتنا كلنا وعلّمت الاخوة الشبان ألا يفتخروا بأعمالهم التقوية ولو بذلوا غاية جهودهم، فلن يقتربوا قط من مقياس الأربعين يومًا التي لسيدنا ومخلصنا يسوع المسيح ابن الله الحي. وخصوصًا أعمالك التقوية أيها الرجل فعد إلى مكانك بسلام، فقد وعظتنا وأرشدتنا كلنا بما فيه الكفاية. صلِ من أجلنا". فرح به الرهبان جدًا وتباركوا منه. حينئذ عاد إلى ديره بينما كانوا يتوسلون إليه ويرجونه أن يصلي من أجلهم. مع ليديا المتوحدة: سمعت عنه ليديا المتوحدة فأتت إليه من تسالونيكي وكانت كاتبة ناسكة محبة للوحدة. امضت عامًا كاملاً في مغارة، وكانت تقابل القدير أنبا مقاريوس ولم يرها أحد قط في كل الجبل إلا في يوم تركها البرية وعودتها إلى بلدها وقد انتفعت بارشادات وصلوات هذا الأب، وعادت تمجد الله. كان القديس يجتهد لكي يزيد في إذلال نفسه عن المتوحدين الآخرين معترفًا أنه أحقرهم. وسمع أن بعض الرهبان لا يتناولون طوال الصوم شيئًا مطبوخ ففعل مثلهم واكتفى بالخضار لمدة سبع سنوات. وفيما بعد حين سمع أن أخًا لا يأكل سوى قليل من الخبز كسر الرغيف الذي كان معه وأسقط الكسر في إبريق وقرر ألا يأكل إلا ما تأتي به يده التي يضعها في فتحة الإبريق الضيقة. وفي مرة قرر أن يغلب النعاس فلم يدخل قلايته لمدة عشرة أيام وعشرة ليالٍ متوالية. كان يعتبر الفضيلة التي تُعرَف وتذاع أنها عديمة الجدوى، وكان إذا سمع عن إنسان أنه يمارس فضيلة لم يمارسها هو لا يهدأ باله حتى يتقنها أكثر منه. كانت له ثلاث قلايات في شهيت: واحدة في وسط الصحراء الداخلية الكبرى، وكانت بلا باب إذ لم يكن يصل إليها أحد. وكانت ضيقة لا يقدر أن يبسط قدميه فيها وهو نائم.
والثانية في وسط البرية شيهيت، والثالثة بالقرب من العمران علي مسافة صغيرة. شفافيته: ذكر عنه تلميذه: "قال لي أبي أنه لا يمر سبت أو أحد دون أن أرى ملاك المذبح بالقرب من المكان الذي يكون أمامي حينما أقدم الذبيحة". قيل انه كثيرا ما كان يدخل الهيكل المقدس لتقديس الأسرار المقدسة حتى كان يعاين الهيكل مملوءً بالملائكة والقديسين، فينتابه خوف ورهبة شديدة. حرب المجد الباطل أتعبته أفكار الكبرياء ومحبة المجد الباطل إذ كانت الأفكار الشريرة تلح عليه أن يذهب إلى روما، بلد الملوك لكي يشفي مرضاهم. جلس علي عتبة قلايته وقال للشياطين: "إذ كانت عندكم القوة الكافية فانقلوني من هنا بعنف". وإذ اشتدت حرب الشيطان صرخ بغضب:" لقد قلت لكم الآن ليس لي أرجل، إذا كانت عندكم القوة احملوني واذهبوا بي إلى روما، لأني سأبقى هنا حتى مغيب الشمس".
وإذا أتعبته الأفكار ثانية في وسط الليل حمل سلة ووضع بها كيلين من الرمل وصار يطوف بها في الصحراء. فقابله قوم من الاخوة وقالوا له: "لماذا تحمل هكذا يا أبانا؟ ولماذا تتعب نفسك؟" فقال لهم: "إني أتعب من يتعبني، فإني إذا أرحته يجلب علّي أفكارًا، قائلاً قم واذهب إلى الخارج". فلما مكث طويلاً يجوب الصحراء دخل قلايته وهو منهوك القوي. عنقود العنب: قُدم إليه عنقود عنب فاخر وكان القديس لم يذقه منذ مدة طويلة. لكنه انتصر علي شهوته وقدم العنب إلى أخٍ مريضٍ فشكره الأخ، وهو بدوره قدّمه لآخر حاسبًا أنه محتاج إليه أكثر منه. وحُمل العنقود بهذه الطريقة إلى صوامع سيليا وفي النهاية عاد إلى القديس مقاريوس لم يمسّه أحد، ففرح بمحبة الرهبان لبعضهم البعض، وتقديم كل واحدٍ الآخر عن نفسه.
0 التعليقات:
التعبيرات